سعيد الوهابي
سعيد الوهابي
يدون ويغرد في مجالات الآداب والسياسة والاجتماع. صدر له رواية بعنوان ( سور جدة ) وكتاب ساخر ( كنتُ مثقفاً ).

ماذا حدث في البرتغال عام 1974؟

آراء

يوم الخميس 25 أبريل عام 1974 وفي تمام الساعة 12:20 صباحاً فوجئ سكان مدينة جراندولا جنوب العاصمة لشبونة بإذاعة أغنية Grândola Vila Morena. كانت هذه الأغنية الشعبية بالذات محظورة من قبل الدولة لأنها تعتقد أنها شيوعية، ولكن إذاعة الأغنية كان إعلاناً سرياً بنهاية الحكم الديكتاتوري في البرتغال وبدء “الموجة الثالثة” من حمى التحول للديموقراطية في أكثر من 25 دولة في 4 قارات مختلفة وخلال 15 سنة اللاحقة فقط.

قبل شهر تقريباً ذهبت لاستعارة كتاب مغمور اسمه “الموجة الثالثة” لأستاذ العلاقات الدولية الشهير صاموئيل هنتنتجتون، الكتاب في آخر رفوف المكتبة مغبراً بتجليد أحمر سميك وعنوان على الحرف فقط وأوراقه صفراء، آخر شخص استعاره كان في شهر مارس عام 1995 ويبدو من آخر اسمه Cky أنه من دول شرق أوروبا، حسناً موضوع الكتاب أن العالم مر خلال القرنين الماضيين بثلاث موجات للديموقراطية الأولى بدأت عام 1824 في أمريكا التي تحررت مادياً ونهائيا من دولة الاحتلال البريطاني وعدلت نظام الانتخاب ودخلت ولايات للحكومة الفدرالية وانتشرت نحو أوروبا حتى عام 1926، بعدها تراجعت الديموقراطية ودخلت دول مثل إيطاليا والأرجنتين وإسبانيا وبلغاريا ويوغسلافيا وألمانيا بالطبع عصر الديكتاتورية حتى عام 1942، ومن جديد موجة ديموقراطية ثانية من 1942 حتى العام 1962 تبعها تراجع ثان نحو الديكتاتورية حتى سمع سكان غراندولا تلك الأغنية الشهيرة.

حين حلت الأزمة المالية في اليونان وإسبانيا خرج الشبان بهدف أوضح وأبسط ولم يطالب أحدهم بإسقاط النظام الديموقراطي الذي بنوه في الموجة الثالثة، نحن في العالم العربي البقعة الوحيدة تقريباً التي تحتاج هذا النوع من الكتب، فالآخرون فهموا الدرس جيداً وطبقوه ونجحوا لذلك لا أحد يستعير الكتاب.

المصدر: صحيفة الشرق