سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

مدرسة العطاء وحب الخير

آراء

القصص التي لم تُروَ بعد عن عطاء وإنسانية وكرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، هي أكثر بكثير من جميع ما سمعنا وقرأنا عنه إلى اليوم، فهو نهر من الحب، وبحر من العطاء، لا يمكن مع اتساعهما رؤية حدودهما، وهو صاحب قلب كبير يشعّ حباً وأملاً وتفاؤلاً للجميع، والجميع في قاموس محمد بن راشد تعني الإنسان بشكل عام، ولا تقتصر على جنس أو جنسية أو دين أو لون معين، فهو يحب الخير للبشرية، ويسعى لنشر هذا الخير لجميع البشر.

كم هي معبرة وجميلة تلك القصة التي رواها أمس سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، خلال جلسته في القمة العالمية للحكومات، والتي تعكس نُبل وطيبة وإنسانية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، حفظه الله، فلقد لاحظ سموه خلال إحدى زياراته غير الرسمية إلى القارة الإفريقية، وتحديداً في تنزانيا، أعداداً من الأطفال في أوقات النهار غير متواجدين في مدارسهم، وعندما سأل عن السبب اكتشف أنه لا توجد لديهم مدرسة أصلاً بسبب أوضاعهم المالية الصعبة، فما كان منه إلا أن أمر فوراً بتشييد مدرسة لهم، فكان له ما أراد، وشُيدت لأبناء تلك المنطقة مدرسة حديثة.

ولأن محمد بن راشد قائد استثنائي، فإنه لا يكتفِي فقط بإصدار الأوامر، بل يسعى دائماً لمتابعة كل شيء، ومعرفة كل شيء، لذلك خصص جزءاً من وقته في العام التالي لإنشاء المدرسة لزيارتها، فلاحظ وجود عدد قليل من الطلاب لا يتجاوز السبعين طالباً، وهو عدد أقل بكثير من إمكانات وسعة المدرسة، ولأن القائد الاستثنائي يعرف كيف يُشخص المشكلة، ويعرف كيفية اختيار الحلول المناسبة لها، قرر سموه صرف بدل نقدي لكل طالب في المدرسة، إضافة إلى وجبة يومية لجميع من فيها، لأنه أدرك أن الفقر هو العائق الأكبر الذي منع الأهالي من إرسال أولادهم للمدرسة الجديدة، رغم حداثتها.

في السنة التالية لهذا القرار، زار الشيخ محمد بن راشد المدرسة فوجد فيها 7000 طالب، فما كان منه إلا أن أمر ببناء توسعة إضافية، ومبانٍ جديدة، من أجل استيعاب تلك الأعداد الغفيرة التي توافدت على المدرسة، واستمر سموه في دعم المدرسة وصرف المال والغذاء للأعداد الجديدة من الطلبة.

ومن يعرف محمد بن راشد جيداً سيدرك تماماً أن قمة سعادته كانت في مشاهدته لآلاف الطلبة وهم يتلقون العلم والمعرفة في المدرسة، وسيكون في قمة السعادة أيضاً لو استطاع أن ينشر العلم والمعرفة لجميع أطفال العالم في كل دول العالم الفقيرة والمحتاجة، فهو فعلاً رمز للعطاء الإنساني اللامحدود، وهو رمز للخير والمحبة التي تشربها من دينه الإسلامي الحنيف، وعاداته العربية الأصيلة، فمحمد بن راشد هو بحق مدرسة في طيبة القلب والأخلاق النبيلة، وحب الخير للبشر في كل مكان.

المصدر: الإمارات اليوم