سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

وراء كل مستَغِّل.. مُتفاخـِر..

آراء

وراء كل مستغل أو نصاب أو محتال، مُتفاخر، والمتفاخرون هم نوعية من البشر تُسهّل مهمة كل نصاب، بالتأكيد هذه النوعية ليست جزءاً من شبكة الاحتيال أو الاستغلال، بقدر ما يُعتبرون هدفاً لكل محتال، فهم يعشقون التميز غير المفيد، ويبحثون عن الرفاهية بمبالغة شديدة، ويحبون التفاخر والتعالي في الكماليات، ويبالغون أيضاً في امتلاكها، وتالياً فهم عملياً يشكلون سوقاً رائجة لكل مستغل أو نصاب أو محتال!

آسيوي يحمل جنسية أوروبية، أدرك أن مجتمع الإمارات يضم كثيرين من هذه النوعية، فأسس تجارة رائجة استهدف بها فقط عُشاق المفاخرة بالكماليات، أولئك الذين لا يترددون في صرف مبالغ كبيرة فقط من أجل امتلاك شيء مختلف، حتى وإن كان غير مهم، أسّس شركة وهمية تحمل اسم مدينة أوروبية شهيرة يعشقها أهل الإمارات، ولم ينسَ بالتأكيد إنشاء حسابات تواصل اجتماعي من تلك المدينة، للإيحاء بشهرة العلامة التجارية التي استحدثها هو وأسسها في منزله بدبي!

تقوم فكرته على طلاء الهواتف المحمولة والأجهزة الإلكترونية الشخصية الـ«آي باد» بالذهب الخالص، مع إعطاء العميل شهادة معتمدة بنوعية الذهب الخالص المستخدم، وتالياً يراوح سعر الجهاز الواحد بين 17 و30 ألف درهم، واستطاع من وراء ذلك تحقيق أرباح بملايين الدراهم، حيث انهالت عليه الطلبات من كل مكان في الإمارات، على مستوى الأفراد وحتى الشركات الضخمة!

استمر في جمع الملايين إلى أن داهمت العالم تلك الأزمة المالية، فتوقفت الشركات الكبيرة عن الشراء، وكذلك فعل الأفراد بعد حين، تعثرت تجارته، واضطر إلى مغادرة البلد، عندها فقط ظهرت ملامح عملية استغلال الناس أبشع استغلال، فاتضح أن هذه الشركة ما هي إلا غرفة صغيرة في بيته، وأن الذهب الخالص المزعوم ما هو إلا صبغ متقن بلون ذهبي من مصنع محلي، واتضح أيضاً أن كلفة صبغ كل هاتف في هذا المصنع تبلغ 500 درهم فقط، كما أن جميع القطع المستخدمة في عمليات تحويل جهاز الهاتف أو الـ«آي باد» هي قطع مشتراة من السوق الصيني في دبي، وتتم عمليات التحويل كلها في تلك الغرفة الصغيرة، ولا يوجد بالأساس شركة أوروبية تحمل ذلك الاسم، وتالياً فجميع الشهادات الممنوحة للزبائن ما هي إلا مزورة!

ما فعله هذا الرجل هو عملياً تحويل الـ500 درهم إلى 30 ألف درهم، ولا عزاء لكل من اشترى هاتفاً أو «آي باد» من الذهب الخالص، ليتباهى به أمام الناس، سعياً وراء التميز غير المفيد، وحباً في التفاخر غير المحمود، لا عزاء لهم لأنهم لم يُفكروا أولاً أن الهواتف المحمولة تتغير سريعاً، لذا فمن غير المعقول تحويلها إلى سبائك ذهبية صالحة لفترات طويلة، ولا عزاء لهم لأنهم تعرضوا لتدليس واحتيال، فالأجهزة التي يحملونها لا تختلف عن أي جهاز آخر مغطى بغطاء ذهبي من السوق الصيني لا تتجاوز قيمته 150 درهماً، في حين أنهم دفعوا فيها مبالغ تراوح بين 17 و30 ألف درهم!

هل نلوم ذلك الآسيوي على فكرته الخبيثة، وعلى كذبه وتدليسه، أم نلوم من أعطاه الفرصة لانتشار فكرته، ومن تهافت على بضاعته «المضروبة»، ومن أعماه حب الكماليات والمبالغة في التفاخر والتباهي، لدرجة التفكير في اقتناء هاتف محمول بـ30 ألف درهم!

المصدر: الإمارات اليوم