سامي الريامي
سامي الريامي
رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم

500 وظيفة تبحث عن مواطنين!

آراء

كان بإمكان «دبي باركس آند ريزورتس» أن تنهي جميع عمليات التوظيف في أقل من 10 أيام، وكان بإمكانها استقطاب 1000 موظف بكل سهولة وسرعة من مختلف دول العالم، وكان بإمكانها تجهيزهم وتدريبهم وإنهاء متطلباتهم كافة قبل الافتتاح الفعلي للمشروع في أكتوبر المقبل، وكل ذلك بكلفة ورواتب أقل بكثير من عرضها للمواطنين!

لكن، ومع ذلك، فضّلت الشركة أن تخصص تلك الوظائف للمواطنين، حرصاً منها على إعطاء الفرصة لهم لتمثيل بلادهم في هذا المشروع السياحي الرائد عالمياً، وحرصاً منها على مساعدة الجهات الحكومية والمتخصصة في توفير فرص ملائمة للمواطنين الباحثين عن عمل، وإيماناً من مسؤوليها بأهمية المساهمة المجتمعية، فهي شركة وطنية في المقام الأول، وتهدف إلى تعزيز ورفع مستوى السياحة، وتكريس الإمارات واحدة من أفضل الوجهات العائلية على خريطة الترفيه العالمية، ووجود المواطنين فيها ركيزة ضرورية، لإعطاء صورة مشرفة لأبناء الإمارات أمام جميع الزوار والسياح.

لكن، مع الأسف الشديد، فإن جهود الشركة في استقطاب 1000 مواطن لشغل هذه الوظائف لم يكتب لها النجاح إلى الآن، بل تعاني الشركة صعوبات واضحة في توظيف الشباب المواطنين، من مختلف المستويات التعليمية، رغم أنها قدمت مزايا جيدة، وأقرت لهم «علاوة مواطن» تبلغ 4000 درهم، إضافة إلى تأمين سكن قريب خاص للمواطنين الراغبين في ذلك، كما قدمت برامج تدريبية، وبعثات تعليمية خارج الدولة وداخلها، لتأهيلهم لشغل هذه الوظائف، والدخول إلى عالم جديد ومهم تحتاج إليه الدولة في المرحلة المقبلة، تلك المرحلة التي لن تعتمد فيها على النفط كثيراً!

الأرقام التي أعلنها الرئيس التنفيذي للشركة رائد النعيمي صادمة، وتحتاج إلى تحليل لدراسة أسباب عزوف المواطنين على الرغم من شكاواهم المستمرة من البطالة، وارتفاع أعداد المسجلين في الجهات المعنية بالتوظيف إلى أكثر من 20 ألفاً. من الواضح أن هناك خللاً كبيراً، وهناك كذب أيضاً، وهناك دلال واسترخاء وعدم جدية لدى معظم الباحثين عن عمل!

هي ليست قسوة على أحد، لكنها صدمة حقيقية أن يصل عدد الباحثين عن عمل إلى عشرات الآلاف، وتعجز شركة وطنية عن أن تجمع 1000 مواطن في وظائف شاغرة، بمزايا ورواتب جيدة، أليس في ذلك تناقض غريب؟! أليس من الغريب أن يتقدم 3381 مواطناً بطلبات توظيف ضمن الحملة التي أطلقتها الشركة ويحضر منهم 2357، ثم يتقدم للمقابلة 2015، ويرفض عرض العمل 1145 مواطناً، في حين وقع على عقد العمل 745، ثم فجأة يتراجع العدد إلى 451 شخصاً بعد توقيع العقد، ليصل الرقم النهائي لعدد المرشحين الذين ينتظرون بدء العمل حالياً إلى 249 مواطناً؟!

أسباب الرفض انحصرت في أربعة أسباب، إذا استثنينا السبب الأخير منها، وهو الحصول على وظيفة أخرى، فما تفسير الرفض بسبب المناوبة، والمسافة، والراتب، ألا تستحق الوظيفة التضحية؟ ألا يوجد من المواطنين من يعمل في إمارات ومواقع عمل بعيدة؟ أليست المناوبة جزءاً رئيساً ومهماً في كثير من الوظائف الحيوية التي تحتاج إليها الدولة؟ وعلاوة على ذلك كله هل خيار الجلوس من دون عمل، والتفرغ للشكوى عبر وسائل الإعلام هو خيار أفضل من قبول وظيفة مهمة بمزايا جيدة في شركة وطنية تحمل آفاق مستقبل مبهر؟!

عموماً الشركة لم تغلق أبوابها بعد، ولم تيأس بعد، ويحسب لها إصرارها على توظيف أكبر عدد ممكن من شباب الإمارات، لذلك فهي ستعيد فتح المجال مرة أخرى لاستقبال الطلبات، وخصصت السادس من أغسطس يوماً مفتوحاً لتوظيف أكثر من 500 مواطن، سيتم اختيارهم في اليوم نفسه، بعد المقابلة مباشرة، على أن يتم توقيع العقود بعد الانتهاء من الإجراءات، بعدها لن نلوم الشركة لو جلبت موظفين من مختلف دول العالم، فلم يتبق لها كثير من الوقت قبل الافتتاح الفعلي لمدنها الترفيهية ومشروعاتها السياحية!

المصدر: الإمارات اليوم