كاتب إماراتي
نقلتُ هذا العنوان من مقالة نُشرت في إحدى الدوريات الأجنبية المتخصصة، تبشر المقالة بنهاية وشيكة لعهد الإعلام الاجتماعي. تعمد المقالة في طرحها إلى دراسة سلوكيات شريحة كبيرة من الشباب، ممن هم دون الـ20 عاماً، واصفة إياهم بأنهم أظهروا وعياً أوسع من أقرانهم الأكبر سناً، بشأن العادات الاستهلاكية المرتبطة باستخدام تطبيقات الـ«فيس بوك» و«تويتر» و«إنستغرام»، وتعزو المقالة السبب إلى حالة عامة من عدم الثقة بالمحتوى المنشور على حسابات الإعلام الاجتماعي، ولعل هذا ما دفع الشركات المالكة لمواقع الإعلام الاجتماعي، أخيراً، إلى إجراء عمليات حذف للحسابات الوهمية والإعلانية المتطفلة.
ترصد المقالة أيضاً حالة من العزوف يبديها المستخدمون في أميركا وأوروبا تجاه الإعلام الاجتماعي، بحيث بات أغلب الحسابات مهجوراً، وهناك قناعة تترسخ مع الأيام بعدم جدوى الاستهلاك الرقمي، ليتلاشى الحماس تجاه الموجات المقبلة من التحولات التكنولوجية والتحديثات التي تجريها باستمرار الشركات المالكة للتطبيقات.
البيانات المالية تشير إلى أن شركة «فيس بوك» لم تسجل النمو المتوقع في إيراداتها المالية ونشاط مستخدميها اليومي، وبررت الشركة بأن السبب يعود إلى الفضائح حول ما يسمى بانتهاك خصوصية المستخدمين، فيما سقطت القيمة السوقية لأسهم شركة «تويتر» من 70 دولاراً عام 2014 إلى 30 دولاراً هذا الشهر، يضاف إلى ذلك الجدل الكبير في سوق الإعلانات على مواقع الإعلام الاجتماعي، وتشكيك المعلنين في جدوى الإعلانات الرقمية، واتهامهم للشركات المالكة بالتهويل والمبالغة بأثر هذه الإعلانات في قرار المستهلكين.
وبغرض فهم الوضع العام، تواصلت مع مجموعة من الشخصيات العربية والأجنبية، كان من بينهم فنان عالمي، أكد لي امتعاضه من تدني نسبة المشاركة والتعليقات على صفحته رغم عدد متابعيه الذي يفوق 25 مليون متابع. إعلامي إماراتي يرى أن هناك أثراً كبيراً لقوانين الجرائم الإلكترونية في إعادة تشكيل سلوكيات المستخدم العربي. وأكد آخر أن حالة من التململ أصابت المتابع العربي بسبب تكرار المحتوى المعروض، وعمليات القرصنة على الأخبار والمواد المعرفية، وتدني الصدقية التي تهاوت خلال ثورات ما يعرف بالربيع العربي، وحالات الشوفينية والنرجسية التي باتت ملحوظة لدى طالبي الظهور والشهرة.
المشهد العربي العام في مواقع الإعلام الاجتماعي، يذكرني بمشهد من رواية «العمى» للكاتب العظيم جوزيه ساراماجو، حيث اجتمع المصابون بالوباء في أحد أجنحة المشفى بانتظار العلاج، وحينما سئموا الانتظار، بدأوا الحديث بشكل جماعي، تداخلت الأصوات المتعددة خالقةً ضوضاء خانقة، ثم سادت حالات من الخوف والريبة تجاه شخصيات مجهولة يسمعون صوتها ولا يرونها. والخلاصة أن عهد الهوس بالإعلام الاجتماعي انتهى، لتسود حالة من التعقل يقودها المحتوى الإعلامي المهني بما يحمله من فائدة وصدقية.
المصدر: الإمارات اليوم