في الامتحان تبدو حالة من الوعي الداخلي تنتاب البشر، حيث يتم استدعاء القدرات، ومعها مشاعر من الرهبة، هذا الغزو القادم من الداخل يستولي على الكيان، والبنيان، ويفرض حالة من الاستنفار بحيث لا يوجد أمام الإنسان سوى مشهد الرعب، الذي يجسده اختبار العقل والتحدي الذي يواجهه، ولا يرى الفرد منا غير صورة الرقيب المتربص، والمتلصص، والتخصص في فرض حالة من التوخي والحرص، والبحث عن ثغرة ولو بسيطة، تفضي إلى معلومة تسد الغرض، وتمنع الوقوع في حفرة الفشل.
الخوف الذي يستولي على الطالب أثناء الامتحان، مبعثه الخوف من الفشل، والتخلف عن الأقران، الأمر الذي يستوجب من هذا الطالب أن يحشد كل قواه العقلية، والنفسية، لمواجهة الظرف العصيب، نعم وضع الامتحان حالة رهيبة، ومرجفة تؤلب كل مشاعر الخوف في فترات الامتحان، ما يجعل الطالب أثناء هذه المدة الوجيزة وكأنه في يوم الحساب، والكثير من الطلاب يشعرون بحالة فراغ ذهني قبل بدء الجلوس على كرسي «العقاب» والإحساس بنسيان كل ما حفظوه، في الأيام السابقة، لأن العقل في هذه الحالة يقع في حومة الصراع ما بين ملكة الحفظ، وملكة النسيان، صراع من أجل الخروج من وهدة الفشل، فالإنسان عدو الفشل، مهما بلغ به من تجاهل، وحتى الطالب المهمل للدراسة، والكسول في ساعة الامتحان يعيش هذه الحالة لأنه أمام الأمر الواقع يتغاضى عن حالته السابقة وهي عدم الاهتمام بالدراسة، ويقف أمام الورقة الامتحانية متحدياً نفسه، فيلجأ إلى مختلف الطرق والوسائل، لأجل اقتطاف، ثمرة النجاح، واختطاف نفسه من منزلق الرسوب، فالإنسان يكره صغر الحجم أمام الآخر، كما أنه لا يستسيغ أبداً الضآلة، فالصراع في الأساس ناتج عن المقارنة، الإنسان دائماً ما يقارن نفسه بالآخر، ولا يزيد أن يكون الأقل، فلو تصورنا شخصاً يعيش بمفرده في هذا العالم، فلن نجد مثل هذا التحدي، وسوف يختفي الخوف، وهذا ما يفعله الشخص المنعزل، فهو حل صراعه مع الآخر، باتخاذ العزلة وسيلة لمكافحة الإحساس بالضعف، والضآلة.
فأينما وجد الامتحان، يوجد معه الإحساس بالخوف، لأن الامتحان يعبر عن المقارنة، ويؤدي إلى فتح باب الصراع مع الآخر، والذي تمثله في البداية الورقة الامتحانية.
المصدر: الاتحاد