رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
محكمة أبوظبي الابتدائية دانت متهماً نشر فيديو عبر موقع التواصل الاجتماعي «سناب شات»، يظهر فيه وهو يقوم بسب وقذف إحدى مشاهير «السوشيال ميديا»، وقضت بمعاقبته بالحبس لمدة ستة أشهر مع وقف التنفيذ، والغرامة 20 ألف درهم، مع الأمر بإحالة الدعوى إلى المحكمة المدنية المختصة، للنظر في تعويض المجني عليها.
هذا الحكم، ومثله أحكام سابقة ضد متجاوزي القانون في مواقع التواصل الاجتماعي، كفيل بتنظيم هذا القطاع، وكفيل بنشر الوعي من خلال إصدار العقوبة، فمازال هناك كثيرون لا يعرفون إلى اليوم حدود الحريات المسموح بها في القانون، ويعتقدون أن السب والقذف شجاعة، ولايزال هناك من يعتقد أن له الحق في إطلاق أقبح الكلمات وأبشعها نحو أي إنسان من دون أي تبعات قانونية، لمجرد أنه يعتقد أن وجهة نظره صائبة، وأنه على حق وغيره على باطل.
قد تكون على حق، وقد تكون وجهة نظرك صحيحة، وقد يكون غيرك مخطئاً، بل ربما يتجاوز حدود العادات والتقاليد والدين على مواقع التواصل، ولكن لتعرف، ويعرف الجميع، أن ذلك ليس مسوغاً لإطلاق الشتائم، والسب بأقذع الكلمات، أو بالقذف بأبشع الصفات، عندها ستكون أنت في نظر القانون متهماً، حتى وإن كنت في نظر متابعيك على صواب، هُناك فرق كبير بين ما ينصّ عليه القانون، وبين حماسة وردود فعل المتابعين!
الإمارات دولة قانون، ومن يتجاوز القانون يستحق العقوبة، والقانون لا يترك من يتعدى على ثوابت المجتمع أو الأخلاق أو الدين، وهُناك الكثير من القضايا التي تثبت ذلك، لذا فليس منطقياً أبداً أن يتدخل كل شخص في عمل الجهات القانونية والأمنية، لذا فالسب والقذف جريمة يعاقب عليها القانون مهما كانت دوافع وأسباب مُطلقها، ومهما كانت شهرته على مواقع التواصل الاجتماعي، فالشهرة تعني الالتزام بالقانون، ولا تعطي صاحبها أفضلية على غيره عندما يتجاوز القانون.
لذلك فالأحكام القانونية، ونشرها بتوسع على جميع مواقع التواصل، هي وحدها الكفيلة بإيقاف المتجاوزين عند حدودهم، خصوصاً بعد أن امتلأت تلك المواقع بالرداءة والتفاهة والتجاوزات اللفظية غير المقبولة، وأصبحت فضاء واسعاً للمناكفات، وتصفية الحسابات، وإظهار ما تخفيه النفس من كُره وحقد وحسد.
هذه الأمور، وغيرها، لن يوقفها إلا القضاء والقانون والعقوبات المُتخذة، لذا فعلى كل متضرر أن يلجأ إلى القضاء، فهو كفيل بأخذ حقه، وعلى كل مرتادٍ لمواقع التواصل الاجتماعي أن يتحمل مسؤولية ما تكتبه يداه أو ينطق به لسانه، ولا يعتقد أن الحط من قدر الناس جرأة، بل هو جريمة يعاقب عليها القانون، كما على الجميع أن يدركوا أنهم سيقعون تحت طائلة ومساءلة القانون لا محالة، حتى وإن تخفوا خلف أسماء مستعارة، فليبادروا بالالتزام بالقوانين والآداب العامة، وأن يلتزموا بالأخلاقيات والقيم الإماراتية والإسلامية قبل أن يجدوا أنفسهم في وضع صعب يجبرهم على الالتزام بالقانون والأخلاق.
المصدر: الإمارات اليوم