حلم أول بالتأسيس والثاني بتأسيس قاعدة وجودية على سطح القمر والوصول إلى الآخر بمشاعر أرهف من أجنحة الفراشات وأنصع من وجه اللجين، وأجمل من عيون الغزلان، وأوسع من المحيط، وأرفع من الجبال الشم.
هذه هي أحلام دولة الإمارات، وهذه سياسة القيادة، وهذه القيم التي تنتمي إليها رؤية بلد مشت أقدام أهلها على رمال متحركة، ولكنها ثبتت الخطوات بإرادة الرجال الأوفياء وعزيمة الصناديد الذين ينظرون إلى الحياة طريق لم يعبد بالورد، وإنما هي الروح البشرية العالية التي تفتح جداول الثبات والثقة بالنفس لتستمر المياه العذبة في تغذية أشجار الطموحات والأهداف السامية وتطلعات القيادة إلى عالم يسوده التضامن والتعاون من أجل الحفاظ على الحضارة العالمية وتنميتها بالحب وإروائها بماء المكرمات وعرق العقول التي لا تكف عن العطاء حتى في أصعب الظروف وأقسى مراحل الحياة.
الإمارات اليوم قارة عالمية تسكن في ضمير الإنسانية؛ لأنها دولة تمنح الحب قبل المعادلات السياسية، وتعطي بصدق ولا تساوم على حسابات سياسية.
بهذه الروح القتالية الناعمة، استطاعت الإمارات أن تبني شاهقات الأفكار، وتعمر أبنية الرؤى بضمير الإنسان الإماراتي الاستثنائي ومن دون منافس؛ لأنها الإمارات لا يشبهها إلا هي ولا مثيل لها إلا هي.
صورة رائعة برونق جمالي مذهل تبدو علاقات الإمارات مع الآخر، وهي صورة الكائنات المثالية عندما تحدب في فيحاء العفوية ومن دون رتوش سياسية، ومن دون خدوش الأفكار السوداوية.
هذه الإمارات، كما أراد لها القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه جناته، وعلى طريقه تذهب القيادة بحكمة ورشاد، وتحقق الأماني بفطنة الأوفياء وشفافية النجباء.
اليوم عندما تذهب إلى أي بقعة من هذا العالم المترامي الأطراف ويسأل من كان عن بلدك، وتجيب بأنك من الإمارات تقفز الابتسامة على شفتي المتسائل، وتشعر بأنه بوده أن يقبل رأسك فقط لأنك من الإمارات من دولة أنجزت أهم المشاريع الكونية، وهو مشروع العلاقة المتكافئة مع الآخر، ومن دون تمييز هذه الروح هي التي زرعت حب الآخر لإنسان الإمارات، وهي التي ميزته عن سائر الأمم لأن التعاطي مع الآخر باحترام وتقدير يجعل الطريق مفتوحاً إلى قلبه، ويجعل العلاقة مثل ما هي العلاقة بين العناقيد يشد بعضها بعضاً، وتمنح الحياة جمالاً وبهجة.
منذ خمسين عاماً والسفينة تجري على رمل الأمنيات، وتحقق منجزاتها طوعاً لحلم قادة ما جفت مياه الطموحات تحت خطواتهم وما كفت قلوبهم عن النبض بحلم التقدم والتطور، وإنجاز لم تستطع دول إنجازه؛ لأن الأحلام الزاهية تضيئها مصابيح الوعي بأهمية أن نصعد الجبال لقطف الثمرات الناضجة وضرورة الوصول؛ لأن الحياة جسر للوصول وليس مكاناً للتوقف.
المصدر: الاتحاد