كاتبة إماراتية ، لها عدة إصدارات في القصة والرواية والشعر والمسرح وقصص الطفل ،رواية كمائن العتمة ، دار الفارابي 2012 ، زاوية حادة 2009
من المسلمات المنطقية أنه لا يوجد إنسان إلا وله احتياجات يريد سدها وملئها، وهذه الاحتياجات على طول تاريخ الإنسانية لم يكن هناك أي جهد لاكتشافها أو تسليط الضوء عليها، لسبب بسيط أنها موجودة داخل كل واحد منا، وهذا ما جعل العلماء يؤكدون أن هذه الاحتياجات هي التي تؤجج الصراعات وتجعل الاختلافات ماثلة بين الناس، وبالتالي تنشأ الصراعات وتكبر إلى قتال وحروب مستمرة.
وقد درس علماء النفس منذ أن بدأ تاريخ هذا العلم، هذه الاحتياجات وحاولوا حصرها وتحديدها، وذلك في محاولة للتقليل من توتر الإنسان وبالتالي تخفيف حدة الهوة التي تتسع بين الناس، ولعل من أشهر من وضع نظرية في هذا المجال العالم أبراهام ما سلو، والتي تعد نظريته من أكثر النظريات في هذا المجال قبولاً وانتشاراً في العالم، فقد تمكن من حصر الاحتياجات الإنسانية في 5 مطالب، ووضعها على شكل هرم، سمي فيما بعد بهرم ماسلو، وتلخصت وجهة نظره أن الحاجات الأكثر أهمية عند الإنسان تسمى الحاجات الفسيولوجية وهي التي تشمل التنفس والطعام والماء والنوم والجنس والتوازن.
وكانت هذه الحاجات هي قاعدة الهرم عنده بمعنى أنها الأساس، وإذا تحققت لدى الإنسان هذه الاحتياجات انتقل للأعلى حيث حاجته للامان، وتشمل السلامة الجسدية والأمن الوظيفي وأمن الموارد والأمن الأسري والصحي وأمن الممتلكات، ثم ينتقل الإنسان للبحث عن حاجات أعلى وهي الحاجات الاجتماعية وتعني بالصداقة والعلاقات الأسرية والألفة والمحبة، وعندما تتحقق ينتقل مرة أخرى لأعلى الهرم للبحث عن ما يسمى بالحاجة للتقدير وهي التي تعني بتقدير الذات والثقة والانجازات واحترام الآخرين والاحترام من الآخرين، وإذا حقق الإنسان هذه الحاجة انتقل لأعلى الهرم ورأسه وهي الحاجة لتحقيق الذات، وتعني بالابتكار وحل المشاكل وتقبل الحقائق. غني عن القول أن هناك علماء عارضوا هذا التوزيع وآخرين أضافوا له، وقد ذهب بعض من العلماء أن هذه الاحتياجات التي حددها ماسلو ليست كافية للإنسان، فهو بمجرد أن يحقق كل تلك الاحتياجات ينتقل للبحث عن حاجات جديدة، وأنه غفل عن حاجة الإنسان للترفيه والتسلية، فضلا عن حاجات أخرى.
ولكن إذا قبلنا بنظرية هذا العالم والقينا نظرة على هرم ماسلو، وحاول كلا منا أن يسقطه على نفسه، ليكتشف ما الذي ينقصه وفي أي مرحلة هو، فإننا وبكل تأكيد نكون قد فهمنا طبيعتنا، ولكن الأهم أن ندرك أن هناك جوانب لا يمكن أن تحققها بمفردك بل بمشاركة من الآخرين من مجتمعك ومحيطك سواء في المنزل أو في مقر عملك، وهذا يتطلب منك أن تتعامل مع الجميع باحترام وتفهم وتقدير، وهي حاجة ذاتية للآخرين كما ظهر في الهرم، ولكنها أيضا حاجة لك لأنك وببساطة تحتاج التقدير والاحترام أنت أيضا.
في ظني أن هذا الهرم درس بليغ ومهم لكل إنسان، وهو في الحقيقة يوضح أيضا تدرج الإنسان في مطالبه ورغباته، فأين تقف انت؟
المصدر: البيان