تتطور ثقافة العمل في العديد من المجتمعات والبيئات تبعاً للتطور الذي تشهده، وبوجود عقول تفكر دائماً خارج الصندوق، وتهدف لإسعاد الموظف، إدراكاً منها بأنه العنصر الأهم في عملية الإنتاج وتحقيق أعلى عائدات ومردود.
جديد ثقافة العمل في تلك البيئات مبادرة أطلقها رجل أعمال صيني وأثارت جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، شعار المبادرة «إذا لم تكن سعيداً لا تأتِ إلى العمل».
وأعلن يو دونغلاي، مؤسس، رئيس سلسلة متاجر تجزئة في إحدى المقاطعات الصينية، مبادرته غير المسبوقة التي تهدف إلى تحسين التوازن بين العمل والحياة لموظفيه، حيث تبنى تطبيق ما يُعرف بـ«إجازة للزعلانين»، وهي إجازة مدفوعة الأجر تتيح للموظفين أخذ يوم عطلة كلما شعروا بعدم السعادة أو الإرهاق النفسي، دون الحاجة إلى موافقة الإدارة.
وأكد يو أهمية منح الموظفين الحرية في تحديد أوقات راحتهم بأنفسهم. وقال: «الجميع يمرون بأوقات لا يكونون فيها سعداء، فإذا لم تكن سعيداً، لا تأتِ إلى العمل». وشدد يو على أن الإدارة لا يمكنها رفض طلب الإجازة، حيث يُعتبر ذلك انتهاكاً للسياسة.
تمثل المبادرة جزءاً من فلسفة يو دونغلاي التي تدعو إلى الابتعاد عن ثقافة العمل لساعات طويلة، والتي وصفها بأنها «غير مجدية». إلى جانب «إجازة الزعلانين»، يعمل الموظفون في ظروف مريحة تشمل يوم عمل من 7 ساعات فقط، وعطلات نهاية أسبوع، وإجازة سنوية تتراوح بين 30 و40 يوماً، بالإضافة إلى خمسة أيام إجازة خلال رأس السنة القمرية.
اليوم، ومع دخول الذكاء الاصطناعي والتطور الكبير الذي تشهده بيئات العمل بضوابط ولوائح متجددة ومتفاعلة، لا يزال الاعتناء بالموظف وسعادته محور الاهتمام والتركيز وفي صدارة السياسات والاستراتيجيات، لأنه أهم أدوات العمل والإنتاج والبذل والعطاء. لذلك تجد مثل هذه المبادرات جدلاً واسعاً واهتماماً كبيراً من دوائر العمل وأصحاب الأعمال على حد سواء، لأن الغاية في الأخير هي تحقيق بيئة العمل الصحية والإيجابية، وما يترتب عليها من إنتاجية عالية.
ونتذكر جميعاً كيف تفاعلت مواقع التواصل الاجتماعي قبل فترة مع حكم أصدرته إحدى المحاكم الألمانية التي أمرت شركة كبيرة لإنتاج السيارات بعدم إرسال رسائل إلكترونية أو نصية لموظفيها بعد ساعات العمل الرسمية.
تتميز بيئات العمل في العديد من مؤسساتنا الحكومية قبل الخاصة بسياسات مرنة تعكس التوجهات الهادفة لإسعاد الموظف، خاصة مع تقلبات الطقس، وكذلك ما جرى تبنّيه مع بدء العام الدراسي الجديد، وقبل اختراع «إجازة الزعلانين».
المصدر: الاتحاد