سارة الرشيدان
سارة الرشيدان
كاتبة سعودية

إعلام إخونجي

آراء

بهاتين الكلمتين رد سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على الأستاذ داود الشريان في مقابلته مؤخرا، مما يفتح بابا للحديث عن الإخوان من جانب الدور الإعلامي والتأثير الذي يقومون به في العالمين العربي والإسلامي.

سعدت الأسبوع الماضي في زيارتي لمعرض الكتاب في أبوظبي بحضور ورقة ثرية، قدمها الأستاذ محمد الحمادي رئيس تحرير الاتحاد الإماراتية في الملتقى، استعرض فيها بعض الأفكار من كتابه «خريف الإخوان» دور الإخوان في الإمارات، وما حدث لاحقا من محاكمة ومحاسبة لهم.

يقول إبراهيم الملا في معرض حديثه عن الكتاب «وفي إشارة فرعية بعنوانين جانبيَّين هما «وعن التغيير يتحدثون»، و«كيف يفهم الإخوان الإمارات؟»، يسرد الحمادي جانباً من البدايات المربكة التي فضحت تنظيم الإخوان في الإمارات، خصوصاً بعد التغيرات العنيفة التي عصفت ببلدان مثل تونس ومصر، واكتشف المخدوعون بهم أن مسميات لامعة مثل «الدعاة» و«المشايخ» كانت تخفي وراءها عملاً سياسياً مشبوهاً ومرتبطاً بأذرع أخطبوطية وشبكات متصلة بالخارج، خصوصاً مع رأس الأفعى، وهو تنظيم الإخوان الأم في مصر». في ظني أن الارتباط الأخطبوطي هذا هو أساس المشكلة، فلو كانت أفكار الإخوان مجرد تبنِّ لطرح أو نظرة معاصرة لواقع المسلمين كما يزعم بعضهم -وأعني الإخوان في الخليج- لما حدثت مشكلة، لكن المشكلة الكبرى أن التغيير الذي يطمحون إليه تغيير سياسي يصب في مصلحتهم الخاصة، لذا لا يقبلون إلا بالحاكمية المزعومة! عندما قال الأمير خالد الفيصل عبارته الشهيرة من أن تعليمنا مختطف أثبتت الأيام لاحقا لمن لم يصدق حينها الكلام فصدقه بعد حين! أشار الحمادي إلى ما يؤكد هذا الكلام، وهي سلطتهم على التعليم الإماراتي، والمتمثلة في التعاقد مع معلمين من المنتمين إلى التنظيم! كما أكد أن مما يقوم به الإخواني التشكيك بكل عمل وطني، والبحث عن الأخطاء وتضخيمها، أو اختلاق وافتعال الأخطاء حتى يسهل عليه ضرب أي نظام قائم ويستبدل نفسه به وإن لم يكن بديلا جيدا! وقد سبق أن أشار الكاتب وأستاذ التربية د.عبدالله المطيري في حديثه وتفريقه بين المغالطات الصورية والحقيقية في الحلقة الفلسفية إلى «أن رأي الأغلبية في الأنظمة التي تعتمد الانتخابات قد لا يكون خيارا سليما، ولكنه يظل مقبولا كونهم الأغلبية»، هنا نقترب من فهم أن التأثير في الأكثرية يقود إلى الفوز بصناديق الانتخابات كما حدث في مصر من امتطاء لصهوة ثورة يناير في مصر، وما تلاه من ظهور دور المرشد وتمجيده الذي انسحب لاحقا على بروز فكرة الخلافة التي روج لها أحد الدعاة في خطبته الشهيرة، والتي كانت تكشيرة عن أنياب الليث ظنها بعض الجهلاء ابتسامة؛ الإعلام الإخونجي كما أكد الأمير محمد بن سلمان «الإعلام الذي ينتقد السعودية أو العلاقة السعودية المصرية هو نفسه ينتقد فخامة الرئيس السيسي»، نقطة في آخر السطر تختصر الكثير من البلبلة المثارة، وتكشف عن جانب العداوة للعلاقات السوية بين أوطاننا المسلمة.

لو عدنا إلى تاريخ الإخوان في مصر وجدنا أنه ارتبط بخريجي دار العلوم، فأولهم حسن البنا الذي أسس التنظيم، والتابعون للتنظيم يشككون بعلماء الأزهر، وستعرف من يتبنى أفكار هذا التنظيم فيمن يردد وصف (علماء السلطان) متهما المخالفين له بالتبعية لغير الإسلام.

التناقض سمة لهذا الفكر، فمن يدعوك إلى الزهد يتقلب في النعيم؛ ومن يحارب الاختلاط هنا لا تندهش إن اختلط هناك؛ ومن يحرم عليك زيارة الكنيسة والكنيس لا غضاضة إن دخلهما! في نهاية هذا المقال أتمنى أن نعيد النظر في المنظرين للفكر المتطرف من إخوان أو غيرهم، فليس داعيا إلى الإسلام من يدعو إلى التفجير ومن ينتهج القتل طريقا، وإن كان الفكر الدموي نجح في أن يستلب ثلة تفني نفسها فهو قد استلب أفكار من يتبنى الطرح، بل ونجح أيضا في تكوين حاضنات في الغرب زودت داعش بشباب غربي يدخل الإسلام فقط ليقتُل ويُقتل! حفظ الله الوطن من كل سوء.

المصدر: الوطن