في بقعة طفت على الأرض كأنها الموجة، كأنها اليقظة في عيني طائر صباحي، يجوب الفضاء بحثاً عن نجمة هطلت من السماء، واستقرت على أرض دبي، هنا في هذا الفيض، في هذا الروض، في هذا الجدل الثقافي، تبدو دبي قيثارة تحرك وجدان العالم نحو شاعرية، مرهفة، نحو بناء قصيدة ملحمية، نحو سرد قصة لتاريخ تعملقت حذافيره، وسمقت جذوره، وبسقت أغصانه، وهو يبوح من دبي، كيف يبدو العالم عندما يتزخرف بألوان الرؤى الضافية عند شغاف الغيمة، وعندما يصبح العقل منطقة مزدهرة بمبادرات إبداعية، منطقها إعادة صياغة شكل ومضمون العالم، ليصبح الوجود عرشاً مضاءً بأحداق الذين لا تقنعهم المحطات النمطية، ولا تكفيهم المسافات ما قبل المدى، هؤلاء صناع الكلمة في باطن القصيدة، كما أنهم سابكو اللجام عند خطوم الخيل المسومة، هؤلاء قارئوا الواقع، كما أنهم ناقشوا الفسيفساء في قاع الحقيقة، هؤلاء هم الكلمة الأولى بين شفتي الوجود، هم الجملة المفيدة في بوح الرواية، وما تفشيه من سر الأسرار، فهنا تكون دبي، وهنا تمضي ركاب الحلم ناهلة، من شوق، وتوق، ومن أحلام فرسان، لهم في الأطلال طلل، ولهم في الحوادث أحاديث، وسرد، وبطولات في وغى الأيام، وفي نواصيها.
اليوم، والمشهد في دبي تتناثر نجومه بلورات على التراب الأبي، والشذا عرف، طافت منازله، عند أطراف ومتون، هذه دبي الوصل، فاصلة متصلة وجملة عرفانها موصول، ومجدول، هذه دبي الوصل تصفو مناكبها، وتعلو، وكتف عزائمها محمول على عزم إرادتها، ذاهبة، نحو ذاك، وذاك هو المجد، والسعد، والرغد، والشهد، وأهداب محبة تظلل مقل العين، وترخي سدولها على وجنات، ما سامها الزمن، ولا شابها قيظ، هي تلك سحنات دبي الوميضة، وهي تلك ملامحها في الحياة تبدو عناقيد وجد كلما ارتفعت شهامة القصيدة، كلما زانت دبي بمن يقود جيادها، ومن يمسك بزمام وثباتها، هذه دبي اليوم ترسم صورة نجلاء على لوحة الزمن، وتخلب اللب في نظراتها كأنها الحسناء في طلعة الفجر، كأنها الكف مخضبة، بحناء الوفاء، ولحظة البدء في مهارات التعاطي، لحظة النخوة في التداخل بين وجودين، بين روحين، بين كائنين جمعهما الحب، حب الحياة، وحب النجاح، وحب الفرادة.
“الاتحاد”