تحت زخات المطر، وبين أكناف البرد القارس، وفي عراء الزمن الرديء، ينام عراة مراحل ما بعد الفراغ، نازحين، معوزين، بلا مأوى ولا مأكل، ولكن إذا كان الواقع الإنساني قد محل، واضمحل في ربوع كثيرة، فإن واقع الإمارات يقول لا، فإن الأنامل السخية تذهب في الأقاصي باحثة عنها كي تخفف من وطأتها، سائلة عن مكان لفقير لم تجف دمعته، نابشة بين الخرق المهترئة التي يخبئ بها النازحون أجساداً متعبة، كل ذلك تفعله الإمارات، لإزاحة الهم، والغم، والضنك عن كاهل هؤلاء البشر، رافعة عن أكتافهم معاناة سحتت إجسادهم، ونخرت عظامهم، هؤلاء هم بشر القرن الواحد والعشرين الذين توارت عنهم عيون العالم، واختبأت ذاكرتهم خلف لحف، ودثر، ولم يجدوا من يفكر في أحوالهم سوى هذه الدولة التي أخذت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن حقوق الإنسان في كل مكان، ومن دون السؤال عن عرق أو دين، بل كل الاهتمام ينصب على آدمية البشر، وعلى أوضاعهم، ومعاناتهم، وتعبهم، وهكذا تستمر القافلة الإماراتية، قافلة الحب محملة بكل ما يحفظ ستر هؤلاء الناس، ويصون كرامتهم، ويمنع عنهم شقاء الظروف القاسية، وسغب الأيام العسيرة.
الإمارات تقوم بذلك لأنه واجب إنساني لا بد وأن تتبوأه، ولا تخفي في ذلك منة، ولا تميزاً، الإمارات تفعل ذلك انطلاقاً من مبادئها الدينية والإنسانية، والأخلاقية التي تربت عليها القيادة، وترسخت في ذاكرة جيل بأكمله.
الإمارات تفعل ذلك لأن القيم الإماراتية قامت، ونهضت على أسس التعاضد، والرحمة وإعانة الملهوف، وإغاثة المكلوف، ورفع الضيم عن السائل والمعتر، وكل من به حاجة إلى مأكل أو مشرب، أو مأوى.
هذه هي سجية بلد ترك لها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حزمة من مبادئ لا تحيد عن الخير قيد أنملة، ولا تفتر لها همة ولا ينحو عنها ضمير.
هذا هو تاريخ الإمارات المبني على احترام الذات البشرية في كل مكان وزمان، لأن سعادة أي إنسان في أي بقعة من الأرض الواسعة، هي إنجاز لكل من يقدم هذه السعادة على طبق من إرادة قوية، وعزيمة لا تبرد صوانيها.
الإمارات تعمل هذا من أجل أن يعيش الإنسان في العالم حياة آدمية، لا يعكرها فقر، ولا يكدرها قتر، حياة ملونة بالكرامة، والعزة، وشهامة الأقوياء الذين لا يكسرهم تعب، ولا يحطم أدراجهم سغب.
المصدر: الاتحاد