كاتب سعودي
حركات الربيع العربي وانقلاباته المدمرة، إرهاصات مبكرة لم تنضج للحصول على استحقاقات ومزايا مستحقة، لكنها ليست واضحة في ذهن المجتمع، ولا في ذهن السلطات المهيمنة وليست واضحة في أذهان أصحابها، وهذا مكمن خطأ تقييم حقوقي عند من هو في سدة السلطة، ويصعب عليه فهم وتقييم التغيير الذي جعل الناس تخرج للشوارع لتطالب بإسقاط نظامه، وبين من هم في جحيم استلاب الحقوق الهائجين، مع أن الأمر يمكن تداركه قبل الانفجار بالقضاء على الفساد، الذي يعمي الرؤية عن كثير من الحقائق، وأيضا تحقيق العدل.
كل ما نراه من عنف وتوتر، بل حروب بينية، أو أهلية .. بل كل ما يتعب أفهامنا كل يوم، حول سجالات فكرية لا تقل توترا عن العنف؛ لكنها في صدامات الفكر التي سرعان ما تتحول لعنف، وتقاتل أو حروب حتى بلغ بعض تصورات الحروب العربية أن تقوم الحكومات بقتل شعوبها في عجز عن التواؤم، والانسجام مع الواقع المتغير للحداثة، وفكر مصلحي يربط السلطة بقدراتها بالماضي، وقوانينه حتى لو عملت السلطة على تبني الحداثة فإنها تتكلم عن حداثة كاذبة متوهمة، فالسلطات مهما كانت، لا يمكن أن تسبق مجتمعاتها للحداثة وكل مطالب المجتمع هي مطالب حدثية ترغم السلطة على التنازل عن بعض سلطاتها لحساب حياة حديثة اقتصاد حديث صناعات حديثة، وتجارة حديثة، فالصراع باختصار هو صراع مع الحداثة والتحديث، لأن في المجتمع طلائع تسبق السلطة في تبني أساليب جديدة، فتخرق جوانب من قوانين السلطة المنتفعة أو تتفوق على هذه القوانين النفعية وتتجاوزها فيشتعل الصراع.
إنه صراع حقوق، واستحقاقات تضعف فيه الهيمنة، فيبدأ الحراك، لكنه مرتبط بالمعاصرة بمعنى أن عامل الزمن قد يسلب بعض الاستحقاقات ويعطي بعض الاستحقاقات لطبقات اجتماعية جديدة، لا تراها جهات متحكمة فيتفاقم الصراع الاجتماعي الذي ينتهي إلى عنف وحروب على مستوى المجتمع الواحد له استدعاءات محلية وخارجية وهذه مشكلة المجتمعات الحديثة التي تكافح للتغيير وتجاوز تخلفها، أو محاولة الخروج من واقع متناقض تعتبره سبب تخلفها.
يبقى أن نقول إن أسوأ تصور للحداثة هو ظهورها على جزء من المجتمع وغيابها عند آخرين، لأن هذا يؤسس لصراع الطبقات الاجتماعية والتململ من بطء التغيير.
المصدر: الاقتصادية