بعد أسبوعين شهدا إحراجاً سياسياً بالنسبة إلى هيلاري كلينتون إثر إصابتها بالتهاب رئوي طرح علامات استفهام حيال مقدراتها الصحية، أظهرت المرشحة الديموقراطية للرئاسة الأميركية لمناصريها أمس أنها لم تفقد شيئاً من قوتها، في وقت لم ينجح فيه المرشح الجمهوري دونالد ترامب في زعزعة ثقتها.
وأظهرت التعليقات واستطلاعات الرأي التي لا تزال غير محددة أنها تقدمت على ترامب. واستطلعت شبكة «سي ان ان» آراء 521 ناخباً محتملاً، وخلصت إلى أن 62% اعتبروا أن كلينتون فازت في المناظرة مقابل 27% لخصمها الجمهوري. ولا يزال يتعين معرفة ما إذا كانت المناظرة ستترك أثراً على الأميركيين الذين لم يحسموا خيارهم بعد قبل 42 يوماً من الانتخابات. وأظهرت استطلاعات الرأي في وقت سابق تقارباً في السباق، حيث نالت كلينتون 43% من نوايا التصويت مقابل 41,5% لترامب، حسب المعدل الذي احتسبه موقع «ريل كلير بوليتيكس».
وطيلة 90 دقيقة، تواجه المرشحان حول رؤية كل منهما للمستقبل والاقتصاد والأمن والسياسة الخارجية، وغيرها من المواضيع مثل التصريح الضريبي لترامب أو الرسائل الإلكترونية لكلينتون.
وفيما يخص العرب، كان سؤال المحاور ليستر هولت، للمرشحين حول رؤيتهما لوضع الشرق الأوسط ودور إيران والاتفاق النووي معها، وجاء جواب كلينتون أن إدارة أوباما تعاملت بحرص شديد مع المسألة الإيرانية، قائلة «عملت على دفع إيران إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات والاتفاق معها»، موضحة أنها عندما تولت «الخارجية» كانت إيران على وشك الحصول على قنبلة نووية، بينما استطاعت الدبلوماسية أن تمنعها من ذلك، «دفعنا إيران للتخلي عن برنامجها النووي دون رصاصة واحدة».
ونفت تماماً وجود أي صفقة مع إيران حول الأزمة اليمنية، مشيرة إلى أن الملفين لا يمكن دمجهما سوياً نظراً للتعقد الشديد فيما يخص الأزمة اليمنية.
وعن السعودية والدول العربية، أوضحت أنهم شركاء الولايات المتحدة في مواجهة الجماعات الإرهابية، وذلك متمثل في التحالف العربي ومشاركة بعض الدول العربية في التحالف الدولي ضد «داعش». في المقابل، اعتبر ترامب الاتفاق النووي الإيراني صفقة مشبوهة بين إدارة أوباما وحكومة طهران، مضيفاً أن ذلك جاء على حساب أمن واستقرار اليمن، مشيراً إلى أن الشرق الأوسط في فوضى.
وانتقد ترامب أداء كلينتون السياسي قائلاً، إن «هيلاري تحظى بالخبرة، لكنها خبرة سيئة». وقال: «إن بلادنا تعاني بسبب القرارات الخاطئة لكلينتون».
لكن كلينتون التي تبلغ قريباً عامها الـ 69، كانت مستعدة بشكل جيد للمناظرة، حيث استعادت ماضي ترامب واستخدمت قسماً من المناظرة لإثبات معرفتها بالملفات الدولية. وهدف وزيرة الخارجية السابقة التي يقول 60% من الأميركيين إنهم لا يثقون بها، هو تحسين صورتها، حيث بدت هادئة الأعصاب وثابتة ومبتسمة. وتلك التي كانت تواجه انتقادات بالانفعال خلال تجمعات انتخابية، لم تخض أي مواجهات وتركت المجال لترامب كي يقاطعها.
وبدا المرشح الجمهوري منضبطاً نسبياً، لكن أكثر حدة منها، حيث كان يشرب الماء ويحرك يديه ويتنهد مرات عدة.
وقال جون هوداك الخبير في معهد بروكينجز «لقد حظي ترامب بثلاثة أسابيع جيدة، لكن سلسلة النجاحات هذه انتهت مساء الاثنين»، مضيفاً: «سيكون من الصعب لناخب لم يحسم أمره أن يخرج من هذه المناظرة بقناعة بأن ترامب مستعد بشكل أفضل للمهام الرئاسية».
وتوقع في المقابل مايكل هيني أستاذ العلوم السياسية في جامعة ميشيغن «ألا يحقق أي من الناخبين الكثير بفضل هذه المناظرة».
ورأى زيجمار جابرييل نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن كلينتون هي الفائزة بوضوح بعد المناظرة.
وقال: «إن كلينتون تقنع بكفاءة ووضوح.. ترامب ليس لديه خطة، للولايات المتحدة ولا للتحديات السياسية الخارجية الكبيرة».
وقال ستيفن شميت الخبير السياسي في جامعة ايوا: «إن ترامب تمكن من الدفاع عن نفسه بشكل جيد، ولم يفقد السيطرة على نفسه». وحاول ترامب الذي يسعى للحصول على أصوات الناخبين من الطبقة العاملة، استعارة حجج من اليمين واليسار للتنديد بالآثار السيئة للعولمة. وقال «نحن نخسر الكثير من وظائفنا، إنها تذهب إلى المكسيك وإلى دول أخرى كثيرة». وأضاف «سأُعيد وظائفنا، أنت لا يمكنك فعل ذلك». ورغم مقاطعته المستمرة لاحقاً، حافظت كلينتون على ابتسامتها وهدوئها.
وأدى تنديده باتفاقية التبادل الحر في أميركا الشمالية التي وقعها الرئيس الأسبق بيل كلينتون عام 1993 إلى وضع هيلاري كلينتون في موقف دفاعي، وكذلك الهجمات حول فضيحة رسائل البريد الإلكتروني التي طالتها. لكن ترامب وجد نفسه في وضع محرج مرات عدة، خصوصاً عند رفضه نشر بيان ضرائبه.
وقالت «إنه يخفي أمراً.. ربما ليس بالثراء الذي يدعيه»، مذكرة بأن كل المرشحين الرئاسيين منذ أربعين عاماً نشروا بياناتهم الضريبية. وعلق جون هوداك من مؤسسة بروكينجز بعد المناظرة «لم نشهد من قبل مثل هذا الأداء الممتاز من قبل كلينتون والسيئ إلى هذا القدر من قبل ترامب»، مضيفاً: «كلينتون كانت مسيطرة من البداية حتى النهاية».
من جهته، علق تيموثي هيغل أستاذ العلوم السياسية في جامعة ايوا «أي منهما لم يرتكب أخطاء، لكن ترامب فوت فرصاً أكثر من كلينتون.. بدت أكثر بمظهر الرئيس وهذا أمر ليس مستغرباً». وتجري مناظرتان أخريان في 9 و19 أكتوبر المقبل.
خبراء أمميون: السود يواجهون «أزمة حقوق إنسان في أميركا»
جنيف (أ ف ب)
قال خبراء في الأمم المتحدة أمس، إن على الولايات المتحدة أن تقدم للأميركيين الأفارقة تعويضات عن العبودية، منبهين إلى أنها لم تواجه بعد إرثها من «الإرهاب العرقي». ووسط حملة انتخابية رئاسية لعب فيها الخطاب العرقي دوراً محورياً، حذرت مجموعة العمل التابعة للأمم المتحدة حول الأشخاص من أصول أفريقية، من أن السود في الولايات المتحدة يواجهون «أزمة حقوق إنسان». وأورد تقرير مجموعة العمل أن ما أجج ذلك، الحصانة الممنوحة لرجال الشرطة الذين قتلوا عددا من السود، غالبيتهم غير مسلحين، في أنحاء البلاد في الأشهر القليلة الماضية.
وجاء في التقرير الذي رفع إلى مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة الاثنين أن عمليات القتل تلك «والصدمات التي أحدثتها، تذكر بالإرهاب العرقي السابق من الإعدامات».
وإذ لفتوا الى الأسباب الأكثر عمقاً للتوترات العرقية في أميركا، أعرب الخبراء عن قلقهم حيال «إرث من التاريخ الاستعماري والرق والتبعية العنصرية والتفرقة والإرهاب العرقي وعدم المساواة العرقية».
وقال التقرير «لم يكن هناك التزام حقيقي بالتعويضات والحقيقة والمصالحة بالنسبة إلى الأفراد من أصول أفريقية». وصرح رئيس مجموعة العمل ريكاردو أ. سونجا للصحفيين أن اللجنة تعتقد أن نماذج عدة للتعويضات يمكن تطبيقها.
ورداً على سؤال حول الحملة الانتخابية واتهام ترامب بالإدلاء بتصريحات عنصرية نارية، حذر سونجا من «خطاب الكراهية.. وكراهية الأجانب وذوي الأصول الأفريقية».
المصدر: الإتحاد