عمل محرراً في قسم الشؤون المحلية بصحيفة "أخبار الخليج" البحرينية، ثم محرراً في قسم الديسك ومحرراً للشؤون الخارجية مسؤولاً عن التغطيات الخارجية. وأصبح رئيساً لقسم الشؤون المحلية، ثم رئيساً لقسم الشؤون العربية والدولية ثم نائباً لمدير التحرير في صحيفة "الايام" البحرينية، ثم إنتقل للعمل مراسلاً لوكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب) كما عمل محرراً في لوموند ديبلوماتيك النشرة العربية.
في مطلع الثمانينات من القرن الماضي، تأسست منظمة اهلية جديدة في اميركا على يد بعض الاميركيين من اصل عربي هي «اللجنة العربية الاميركية لمناهضة التمييز» التي تعرف اختصارا باسم «أيه. دي. سي- ADC». بدأت اللجنة بنشاطات متواضعة لحشد العرب الامريكيين في مختلف الولايات الاميركية والدفاع عن القضايا العربية خصوصا القضية الفلسطينية ومحاولة الوصول الى الجمهور الاميركي وتعريف الساسة والرأي العام في اميركا بوجهة النظر العربية.
كان البعض ينظر لنشاط اللجنة بشيء من الشفقة وهو يعيد التذكير بسطوة اللوبي الصهيوني في اميركا ومنظماته العديدة مثل «آيباك».
لكن ما ان حل عقد التسعينات إلا ونشطت اللجنة العربية الامريكية بشكل قوي في الساحة الاميركية وكانت نقطة التحول عام 1992. ففي ذلك العام اطلقت شركة «ديزني» فيلم الكارتون «علاء الدين» ومعه دشنت اللجنة العربية الاميركية معركة قانونية مع الشركة حول عبارات مسيئة للعرب في اغنية مقدمة الفيلم.
كسبت اللجنة المعركة وتم حذف المقاطع المسيئة في الأغنية بل واتفقت شركة «ديزني» مع اللجنة على عرض اي سيناريو لفيلم او عمل فني عن المنطقة العربية او التاريخ العربي على اللجنة لقراءته والموافقة عليه قبل تنفيذه. وفي ذلك الوقت ايضا، قامت اللجنة برفع دعاوى في المحاكم في عدد من الولايات الاميركية ضد المدارس والمؤسسات التعليمية التي تدرس كتباً فيها اساءة للعرب أو المسلمين عموماً.
وفي العام 1996، وبعد المصادمات التي جرت في القدس المحتلة بين الفلسطينيين والجيش الاسرائيلي بسبب الحفريات التي قام بها الاسرائيليون في اساسات المسجد الاقصى، دعا الرئيس الاميركي بيل كلينتون زعماء العرب الاميركيين للاجتماع في البيت الابيض مع زعماء اليهود الاميركيين. كانت تلك هي المرة الاولى التي يدعو فيها رئيس امريكي زعماء من العرب الاميركيين للتشاور حول قضية تخص الشرق الاوسط بعد عقود طويلة من التجاهل ودعوة زعماء اليهود من اللوبي الصهيوني فقط.
ما الذي يمكن أن يعنيه هذا؟ هذا يعني ان العرب الاميركيين استطاعوا فرض انفسهم في الساحة الاميركية، لكن عبر نضال دؤوب بدأ متواضعاً لكنه إكتسب المزيد من القوة عبر السنوات اللاحقة. كلمة «النضال» هنا تعني العمل الدؤوب والمثابر ضمن القوانين الاميركية نفسها وليس من خارجها وضمن مفاهيمها وليس بمفاهيم غريبة عن الاميركيين. وعليه، فإن هذا النضال اتخذ اشكالاً شتى، فاللجنة التي بدأت متواضعة في 1980، خرج من مظلتها في التسعينات المعهد الوطني الاميركي الذي أسسه جيمس زغبي ويديره حتى اليوم، وجمعية العرب الاميركيين التي ترأسها خليل جهشان وتعمل مثل اللوبي العربي في واشنطن.
ما الذي جرى بعد ذلك؟ بالتوازي مع بروز تنظيم «القاعدة» في التسعينات من القرن الماضي على الساحة الدولية بعنفه الاعمى والاهوج، بدأت الساحة الاميركية نفسها تشهد اصداء لهذا العنف الأعمى لتتوج بهجمات 11 سبتمبر. هكذا القت تلك الهجمات الوحشية وتداعياتها بظلال الشك على كل ما هو عربي ومسلم واطلقت موجة «الاسلاموفوبيا» في اميركا ودفعت الى الوراء نضالاً دؤوبا وحضارياً قادته عقول نيرة لعقود طويلة في الولايات المتحدة.
واليوم يختزل العربي والمسلم في اميركا بالصورة النمطية للإرهابي الذي يتكرر ظهوره في افلام هوليوود.
لم تنته اللجنة العربية الاميركية لمناهضة التمييز ولم يتوقف نشاطها، بل هي فاعلة حتى اليوم، لكن علينا ملاحظة الفارق الجوهري بين نمطين من التفكير والعقليات لدى العرب الاميركيين. الاول هو الذي تمثله مقاربة واسلوب عمل اولئك الذين ينشطون في اللجنة العربية الاميركية لمناهضة التمييز والنمط الثاني هو الذي يمثله مهاجرو موجة الثمانينات والتسعينات وابناؤهم: عنف وتفجيرات وارهاب باسم الدين.
يظهر الفارق جلياً بين عقليتين واسلوبين للعمل في بلد مثل الولايات المتحدة، النشاط وفق القوانين الاميركية التي تتيح حق التنظيم لأي جماعة عرقية او دينية او مدنية ان تنشط للدفاع عن قضاياها مثلما تفعل كل الاقليات هناك وتكسب احتراما وتأييدا لقضاياها، أو العقلية الثانية وهي العمل بمنطق عدمي قائم على قطيعة وعداء مع المجتمع الاميركي مثل منطق وعقلية التنظيمات الارهابية.
فالفارق جلي واضح بين ان تخاطب الاميركيين بمنطق الدستور وقيم الديموقراطية والتعديل الثاني (حرية التعبير) وبين ان تخاطبهم بمنطق «غزوة منهاتن» و«فسطاط الايمان وفسطاط الكفر» و«الفريضة الغائبة». أي ان تنشط بنفس قيم المجتمع الذي تنتمي اليه باعتبارك مواطنا اميركيا، او ان تنشط بمنطق القطيعة الذي يحول المواطن الى «مهاجر/غازي» ينتهي به المطاف للتورط في أنشطة ارهابية.
إنها نفس العقلية التي تجتذب اجيالا من الشباب العرب والمسلمين منذ اكثر من ثلاثة عقود في منطقتنا عندما تم استبدال منطق المواطنة وقيم الحداثة والنضال المدني بمنطق الهويات الدينية والمذهبية. نفس العقلية القائمة على منطق الكتل الصماء وسردياته وبكل ما فيه من قطيعة مع العلم والحداثة والعالم، الذي فرخ تنظيمات ارهابية لا حصر لها منذ السبعينات وصولا الى «القاعدة» و«داعش».
المصدر: البيان