يصادف الثامن من مارس من كل عام اليوم العالمي للمرأة، وهو اليوم الذي خصص للاحتفاء بمنجز المرأة عموماً، وبما حققته الدول والحكومات على صعيد الارتقاء بوضع المرأة خصوصاً.
وفي هذا اليوم تعدد الدول كل ما حققته في مجال تقدم المرأة في كل المجالات لا سيما في مجال الحقوق والتشريعات، فالمرأة نصف المجتمع، وما لم تتقدم المرأة لن يتقدم المجتمع.
ولقرون عديدة حرمت المرأة من حقوقها المدنية، وعلى رأسها المشاركة السياسية, ولم تبدأ المرأة حول العالم في أخذ تلك الحقوق إلا في القرن العشرين، وفي بعض الدول ما زالت المرأة غير قادرة على المشاركة في الحياة العامة بكل نواحيها. المرأة الإماراتية لم تكن استثناء.
لقرون عديدة كانت وبحكم الأوضاع السائدة والعادات وطبيعة المجتمع وبنيته غير قادرة على المشاركة في الحياة العامة، الأمر الذي جعل منها فرداً غير منتج بالكفاءة التامة، فمشاركتها في سوق العمل كانت محدودة بحكم الفرص المتاحة ووضعية المرأة نفسها. ولكن ما أن تحسنت الأوضاع، ودخل التعليم كونه مرتكزاً مهماً من مرتكزات التنمية المجتمعية حتى بدا واضحاً أن مكانة المرأة المجتمعية لن تظل كما كانت.
هذا الفرق صنعه ليس فقط الحراك النسوي، الذي بدأ في تصحيح مسيرته التنموية، والاهتمام الدقيق بتفاصيل تلك المرحلة، ولكن السياسيات الحكومية، التي أرادت دفع المرأة إلى أخذ وضعها المجتمعي الصحيح، والمشاركة بكفاءة في اتخاذ القرار العام .
وعلى هذا الصعيد يحق لدولة الإمارات أن تفخر بما حققته في مجال تمكين المرأة، فالتاريخ شاهد على هذا التمكين، فالفرق واضح في المكانة والمنجز ملحوظ في الطموحات، فالمرأة قد أصبحت لاعباً رئيساً في المجتمع، وفي مجال اتخاذ القرار العام.
ولا شك في أن الفضل في ذلك لا يرجع للمرأة فقط، والتي لا شك في أنها بذلت جهوداً جبارة في الارتقاء بذاتها، وفي تطوير مهاراتها حتى تواكب المسيرة العامة في دولة الإمارات، بل أيضاً لسياسيات واستراتيجيات الحكومة الاتحادية، التي صاغت القوانين والتشريعات، واجتهدت في مجال تطوير أداء المرأة وفي صيانة حقوقها وجعلها صنواً للرجل في كل مجالات الحياة العملية.
ليس هذا فحسب، بل جاء إنشاء مجلس التوازن بين الجنسين لإزالة أي معوق في ما يتعلق بالمساواة الجندرية، وفي منح المرأة كامل حقوقها العامة.
هذه السياسات والاستراتيجيات المدروسة أسهمت في الارتقاء بوضع المرأة الإماراتية إلى مكانة تعد الأفضل إقليمياً وربما عربياً في ما يتعلق ببعض المجالات. كما أن هذا الاهتمام الحكومي بالمرأة الإماراتية أسهم أيضاً بالارتقاء بطموحات المرأة، بحيث أصبحت تطلعاتها ليس لها حدود أرضاً أو سماء.
لقد نالت الإماراتية مكانة لم تنالها أي امرأة قبلها، فقد أصبحت رئيسة للمجلس الوطني الاتحادي، وهو السلطة الرابعة في الدولة كما أصبحت وزيرة في أحدث وزارة استحدثتها دولة الإمارات ألا وهي وزارة الشباب، التي كانت في السابق محصورة في الدائرة الجندرية للرجل. هذه الثقة من قبل القيادة قابلتها ثقة غير محصورة بإطار من قبل المرأة، فقد أدركت المرأة أنها تعمل تحت ظل قيادة تبارك كل خطواتها، وتدفعها قدماً للإمام.
لقد بذلت المرأة جهوداً جبارة في تطوير ذاتها وفي التطلع إلى مجالات كانت لعهد قريب مقصورة على الرجل، فارتياد الفضاء والخدمة العسكرية والطيران والقضاء كانت لعقود مضت ذكورية خالصة، وهكذا كشفت المرأة الإماراتية عن قدرات مدفونة وطاقات هائلة أهلتها لآن تخطو خطوات جبارة، وفي فترة زمنية قصيرة. وهكذا يحق للمرأة الإماراتية أن تقول بزهو إنها قد تعيش في عصرها الذهبي.
هذه المقولة قادت الكثير من البحاثة والمراقبين لمسيرة المرأة لكي يتساءلوا وماذا بعد؟ ما الذي تبقى لكي تطمح له المرأة الإماراتية؟ وهل أخذت الإماراتية حقها ،والمكانة التي تستحقها؟ في نظر صناع القرار فإن الإماراتية تستحق أكثر، فهي حاضرة في المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي، ولديها من الطاقات والمواهب المتفجرة الشيء الكثير لتحقيق المساواة الجندرية في كل حقول الحياة العامة.
ولهذا ليس من المستغرب أن يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، إنه يتطلع لليوم، الذي يكون فيه نصف مجلس الوزراء من النساء. إنه صاحب الرؤية الثاقبة والإرادة الحديدية والرجل، الذي دعم المرأة ووضعها في المكانة، التي تستحقها، فهنيئاً للمرأة الإماراتية، فكل يوم يمر عليها هو يوم للاحتفاء بمنجزها.
المصدر: البيان