أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة استقبالها 15 ألف لاجئ سوري على مدى السنوات الخمس المقبلة، مشاركة منها في تحمل المسؤوليات المتعلقة بمواجهة أزمة اللاجئين السوريين.
أكد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في المنطقة الغربية، رئيس هيئة الهلال الأحمر، أن الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة (حفظه الله) تولي اهتماماً كبيراً لتداعيات الأزمة السورية على حياة المتأثرين من الأبرياء المدنيين، وقال سموه: إن الإمارات تضطلع بدور محوري في تعزيز الجهود الدولية للحد من تفاقم معاناة اللاجئين السوريين.
وجدد سموه التزام الدولة مواقفها الإنسانية المساندة لقضاياهم والداعمة لحقوقهم في الحياة والعيش الكريم، وذلك بفضل توجيهات صاحب السمو رئيس الدولة، ودعم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي (رعاه الله)، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وقال سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان – في تصريح بمناسبة إعلان الإمارات استقبالها 15 ألف لاجئ سوري على مدى السنوات الخمس المقبلة – إن هذه المبادرة تأتي ضمن التزام الدولة مسؤوليتها الإنسانية تجاه الأشقاء السوريين، والمساهمة في الجهود الدولية المتعلقة بمواجهة أزمة اللاجئين، مؤكداً سموه أن الإمارات تعتبر من أوائل الدول التي تنبهت لقضية اللاجئين السوريين منذ اندلاع الأزمة، وبادرت بتوفير الرعاية اللازمة في مختلف المجالات الضرورية، وذلك من خلال إنشاء مخيمات الإيواء لهم في الأردن وشمال العراق، وعندما انتقلت أزمة اللاجئين إلى أوروبا سارعت لإنشاء عدد من المخيمات في اليونان لاستقبالهم وتعزيز أوجه الرعاية لهم.
وشدد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان على أن جهود دولة الإمارات في هذا الصدد تساهم في إيجاد الحلول المناسبة والمعالجة الملائمة لأزمة اللاجئين التي فرضت نفسها على المجتمع الدولي ومنظماته، ما حدا بقادة العالم إلى الالتفات لها واستشعار خطورتها على مستقبل الضحايا من المدنيين، لذلك جاءت قمة نيويورك مؤخراً والتي خصصت لمناقشة هذه القضية الحيوية وباركت الإمارات نتائجها وأعلنت من خلالها مبادرتها لاستقبال الآلاف من الأشقاء السوريين.
وقال سمو الشيخ حمدان بن زايد: إن مبادرات الإمارات تجاه اللاجئين السوريين لم تتوقف عند حدود المساعدات الإنسانية والإغاثية والإيوائية، بل تعدتها لتشمل جوانب تنموية مهمة وحيوية، وذلك من خلال البرامج والمشاريع التي تنفذها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي للاجئين والتي تضمنت التأهيل والتدريب وتعزيز القدرات وتوفير برامج الدعم النفسي، إضافة إلى الجانب التعليمي، حيث لم تتوقف المسيرة التعليمية لأبناء اللاجئين وواصلوا تحصيلهم الأكاديمي رغم ظروفهم الاستثنائية.
وأضاف سموه: «ستظل الإمارات الدرع الواقية للاجئين من تداعيات اللجوء القاسية والحصن المنيع للحد من معاناتهم المتفاقمة والسند القوي لصون كرامتهم الإنسانية».
وأكد سمو الشيخ حمدان بن زايد على أن ما يواجهه اللاجئون السوريون من معاناة بسبب ظروفهم الاستثنائية يتطلب سخاء أكثر من المانحين، والإيفاء بالتزاماتهم تجاههم والتعبير بصورة أكبر عن إنسانيتنا المشتركة وتضافر الجهود الدولية وتعزيز الشراكة بين المنظمات الإنسانية من أجل تحسين واقع اللاجئين السوريين.
وأضاف سموه: «إن الوقوف إلى جانب اللاجئين في محنتهم واجب إنساني لا يتوقف عند حدود بعينها أو دول دون أخرى لأن الإنسانية أكبر من الحدود واللغات، وما تقدمه الإمارات من أجل اللاجئين يعد تعبيراً صادقاً عن توجهاتها الخيرة تجاه أشقائها».
وأشاد سمو رئيس الهلال الأحمر الإماراتي بعلاقات الشراكة القائمة بين الهيئة والجهات المختصة في الدول المستقبلة للاجئين السوريين والتي أقامت بها الهيئة مخيماتها ومشاريعها التنموية، مشيراً في هذا الصدد إلى الدعم اللوجستي والتسهيلات التي قدمتها كل من الأردن وكردستان العراق واليونان حتى رأت مشاريع الهيئة النور، وأصبحت واقعاً يستظل به آلاف اللاجئين من الأشقاء السوريين.
وقالت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي خلال أعمال قمة القادة للاجئين التي عقدت يوم الثلاثاء الماضي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك في بيان أمام القمة «إن ما يجمعنا اليوم هو الالتزام المشترك بتعزيز التعاون والعمل الدوليين من خلال اتباع نهج شامل في معالجة أزمة اللاجئين والتصدي لها». وأكدت أن القمة تأتي في ظل ظروف دولية بالغة الحساسية حيث بلغت أعداد اللاجئين والنازحين عددا هو الأكبر في التاريخ الحديث، موضحة أن هذه الأزمة نشأت بسبب التداعيات الناتجة عن سلسلة النزاعات والصراعات المتصلة التي يؤججها التطرف والتي أصبحت تتجاوز الحدود الجغرافية.
ترأس القمة الرئيس الأميركي باراك أوباما بمشاركة قادة الدول ورؤساء الحكومات والوزراء ومعالي بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة، بهدف تعزيز مشاركة المسؤولية في مواجهة أزمة اللاجئين.
وأوضحت أن أزمة اللاجئين والنازحين لا تقتصر على منطقة الشرق الأوسط وحدها بل هي ظاهرة عالمية تتطلب اهتمام المجتمع الدولي بأسره. وأكدت معالي ريم الهاشمي التزام دولة الإمارات العمل مع الجميع لإيجاد حلول جماعية وفاعلة لمنع تفاقم أزمة اللاجئين ودعمها الراسخ للجهود الإنسانية التي تقوم بها المنظمات الإقليمية والدولية لاحتواء هذه القضية. وأشادت بالدور القيادي للأمم المتحدة في إصدار إعلان نيويورك – بشأن اللاجئين والمهاجرين – والذي يعد بمثابة خطوة هامة إلى الأمام يتعين استكمالها والبناء عليها ببذل الجهود الجادة لمنع الحروب والصراعات التي تمثل السبب الرئيسي للهجرة القسرية.
كما أعربت نيابة عن دولة الإمارات عن خالص الشكر والتقدير للرئيس الأميركي باراك أوباما والجهات الأخرى المشاركة في تنظيم هذه القمة الهامة. وطالبت الجميع بالقيام بدوره وانتهاج أسلوب الحوار في حل الخلافات ودعم ركائز السلم والاستقرار الدوليين والحفاظ على الكرامة الإنسانية للاجئين والنازحين ومنحهم الأمل في العودة إلى ديارهم وإعادة إدماجهم في مجتمعاتهم والمشاركة في إعادة بناء بلدانهم وحياتهم مرة أخرى. وأوضحت أن هذا يتطلب اتباع نهج يقوم على مسارين إنساني وإنمائي متوازيين يتم خلاله الأخذ في الاعتبار الحاجات العاجلة على المدى القريب والوسائل اللازمة لتحقيق التمكين على المدى البعيد.
وأعربت عن فخر دولة الإمارات بمساهمتها وتخصيصها أكثر من واحد في المئة من دخلها القومي الإجمالي السنوي كمساعدات خارجية خلال السنوات الثلاث الماضية لتصبح بذلك ضمن أكبر المانحين على مستوى العالم إضافة إلى زيادة التمويل الإنساني المقدم من الإمارات.
وأضافت أن الإمارات قدمت خلال السنوات الخمس الأخيرة ما يزيد عن 750 مليون دولار أمريكي كمساعدات للاجئين والنازحين السوريين في دول الجوار المستضيفة للاجئين والتي تعاني من ضغوط كبيرة مثل شمال العراق والأردن واليونان. وأكدت معالي الهاشمي أن دولة الإمارات تؤمن بأن الجهود يجب ألا تقتصر فقط على مجرد تلبية الاحتياجات الأساسية للاجئين والنازحين ولكن يتعين الحفاظ على كرامتهم ومنحهم الأمل في المستقبل. وأشارت إلى حرص الإمارات في مخيمات اللاجئين التي أقامتها في كل من الأردن وشمال العراق وحتى في اليونان على تقديم الخدمات الأساسية المنقذة للحياة كالمأوى والغذاء والرعاية الصحية الأساسية والمياه والصرف الصحي. وأضافت أن الإمارات تتطلع لتوفير الخدمات التي غالبا ما يتم إهمالها كمعالجة الأمراض النفسية والعقلية وإعادة التأهيل وتوفير فرص التعليم في حالات الطوارئ بجانب تقديم المساعدة النقدية لغرض الغذاء والعمل وتوفير التدريب المهني. وأوضحت معالي وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي أنه قبل اندلاع الأزمة السورية منذ خمس سنوات كان هناك 115 ألف مواطن سوري يعيشون ويعملون في الدولة ومنذ ذلك الحين استقبلت الدولة أكثر من 123 ألف مواطن سوري انضموا إلى أكثر من 200 جنسية مختلفة تسهم في تعزيز النسيج المتنوع لمجتمعنا وفي تقديم مساهمات فعالة وملموسة وذلك في تمايز واضح لما يعانيه العالم حاليا من موجات كراهية للأجانب.
مركز جنيف يثمن المبادرة الإماراتية
جنيف (وام)
ثمن مركز جنيف لحقوق الإنسان والحوار العالمي، مبادرة دولة الإمارات باستقبالها 15 ألف لاجئ سوري خلال السنوات الخمس المقبلة، مشاركة منها في تحمل المسؤولية المتعلقة بمواجهة أزمتهم. ونقل بيان للمركز عن معالي الدكتور حنيف القاسم رئيس مجلس إدارته، إن المبادرة تكرس ريادة الدولة في مجالات العمل الإنساني في كل مكان، وتعاونها مع الأشقاء في إطار رؤية قيادتها الرشيدة القائمة على قيم التكافل والمشاركة الإيجابية في تخفيف المعاناة عن المتضررين وضحايا الحروب والكوارث. وأشار إلى التقدير الدولي لجهود الإمارات وتعاونها مع المنظمات الدولية العاملة في الشأن الإنساني وتميزها بالحس الوطني والقومي. وأوضح القاسم أن المنطقة العربية تتعرض لمؤامرات وأجندات سياسية تعمل على إحداث الفتن وتعزيز تداعياتها، بهدف تحقيق الانقسام بين شعوبها وتكريس أعمال العنف والصراع على السلطة دون النظر للآثار المدمرة والضحايا الأبرياء الذين يضطرون للنزوح الجماعي والهجرة من جحيم الحروب والإبادة التي تتعرض لها تلك المجتمعات. وشدد على ضرورة تحمل المؤسسات الدولية وصانعي القرار مسؤولياتهم نحو بذل الجهود الواقعية لوقف نزف الدمار والكوارث الذي يواجه الشعوب التي تستحق كل العون والمساعدة لمواجهة تحديات العنف والإبادة الممنهجة. وفي هذا الصدد، لفت إلى مواكبة المركز للأحداث والقضايا الإنسانية، حيث نظم مؤخرا ندوة دولية موسعة لمناقشة قضايا الهجرة الجماعية الداخلية والخارجية والتي وصلت إلى أعداد غير مسبوقة، خاصة بين النساء والأطفال، وذلك في إطار فعالياته المتخصصة في تعزيز الوعي لمواجهة تحديات الإرهاب وآثاره المدمرة التي أصبحت بلا عنوان، نظراً لتجاوزها كل الحدود.
المصدر: الإتحاد