رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
فشل العرب في أن يوحّدوا أنفسهم، في أي مجال من مجالات الحياة، فشلوا في تكوين تكتل سياسي قوي، بل تطاحنوا في الغالب وافترقوا واختلفوا، وأصبح القرار السياسي الخاص بالكثير من القضايا العربية يُتخذ خارج حدود هذا الوطن، وفشلوا في تكوين كتلة اقتصادية يواجهون بها التكتلات العالمية، وسلسلة الاختلافات العربية طويلة ومتعدّدة..
ومع ذلك لم تيأس الإمارات يوماً، وهي مستمرة دون كلل أو ملل في دعم جميع المشروعات التي يمكن أن تحقق التقارب والاتفاق العربي، في شتى المجالات دون استثناء، ولذلك فهي تقدّم اليوم فرصة ذهبية للوطن العربي الكبير لتحقيق الوحدة الاقتصادية، ولكن عبر بوابة الاقتصاد الرقمي، فهو المستقبل، وبه يمكن أن تتحقق الكثير من التطلعات والآمال، ومن أجل ذلك استضافت أبوظبي وبرعاية كريمة ومباشرة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، حفظه الله، المؤتمر الأول للاقتصاد الرقمي العربي، ليكون فاتحة خير لهذه الأمة العربية تواجه به تحديات المستقبل، وتدخل عبر بوابته في شراكات وتعاون تؤدي إلى التكامل والتنسيق العربي الذي نفتقده منذ عقود طويلة..
هناك الكثير من الإمكانات والموارد التي يحظى بها العرب، فهم يسيطرون على نحو 18 مليون كيلومتر مربع، ويعيش في الوطن الكبير نحو 350 مليون نسمة، ويفوق ناتجه الإجمالي 2.5 تريليون دولار، ويضم الوطن العربي طاقات شبابية هائلة لديها كفاءات رقمية وبرمجية وتستطيع إحداث الفرق في المجال الرقمي والتجارة الإلكترونية، وهذه مزايا اقتصادية ضخمة يمكن الاعتماد عليها للوصول إلى مستقبل أفضل، لذلك فهو لا ينقصه سوى المبادرة والإدارة والرؤية التكاملية..
الإمارات دولة ناجحة، وتمتلك تجربة إلكترونية ورقمية مميّزة، وهي دون مبالغة، وبشهادة المسؤولين في الجامعة العربية، تستطيع قيادة التحول الرقمي للوطن العربي، بما لديها من بنية تحتية رقمية متطورة، وخبرة عميقة، وتجارب مذهلة وناجحة، وهي لم تستأثر يوماً بهذا النجاح، وهي على استعداد دائماً وأبداً لوضع تجاربها وخبراتها أمام الجميع، ليستفيد منها الجميع، وإيمانها المستمر بضرورة التكامل والتعاون والنهوض العربي جعلها تبادر في تنظيم المؤتمر الأول للاقتصاد الرقمي العربي، وتدعو الجميع إلى الانخراط في طريق المستقبل ونبذ الاختلافات والخلافات السياسية التي كانت سبباً رئيساً في تأخر الأمة وتشرذمها!
قيادة الإمارات، تدعم الوحدة العربية شكلاً ومضموناً، وتحب الخير لجميع الدول العربية، لذلك فقد حرصت على دعم خطط التحول الرقمي والتطور التكنولوجي في الدول العربية، من خلال حشد الخبرات والقدرات المتاحة، وإطلاق الطاقات الكامنة في مختلف الدول العربية، من أجل مواكبة التغيرات النوعية والمتسارعة التي تشهدها بنية الاقتصاد الحديث على المستوى الدولي، وهذه ليست شعارات نرفعها، بل هي خطوات عملية تخطوها الدولة في مختلف المناسبات، وكل من لديه بصيرة وحكمة لا تخفى عليه هذه الجهود..
المصدر: الإمارات اليوم