نحتاج إلى الدين كحاجتنا إلى الماء والهواء، نحتاج إلى تراثنا كحاجة الطير إلى الجناح والتغريد، نحتاج إلى قيمنا النبيلة، كحاجة الأشجار إلى ضوء الشمس، نحتاج إلى المبادئ القويمة، لتقويم وتقييم مسار مراكب السفر باتجاه الآخر.. نحتاج إلى كل هذا لأننا أمة بنت خيالها على سقوف لا تخر وأفنية من فضاءات الله لا تنحسر.. نحتاج إلى التربية الأخلاقية، لأنها الكتاب المفتوح والمشروح والمنقوح، لأجل عالم لا تشوبه شائبة كره، ولا تخيبه خائبة حقد.. نحتاج إلى ذلك كله لأننا أمة من نسل صحراء متعافية من الضبابية، ومن غبار المراحل وسعار السواحل.. ويأتي توجيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بإطلاق مادة التربية الأخلاقية في وقته وزمنه، والعالم يفور بفقاعات النار والعار والانهيار، عالم أصبح على حافة الخوف والرعب من شبكات عدوانية بغيضة رضيضة، أبت إلا أن تكون عقبة كأداء في وجه النور لتنشر ظلاماً دامساً، عابساً، بائساً، يائساً.. وأطفالنا وشبابنا الذين يشاهدون يومياً كل هذا النزيف الدموي، في العالم، وكل هذه الألسنة المتصاعدة من النيران، يحتاجون إلى حرز يحصنهم من فيروسات الموت، يحتاجون إلى استنهاض روح قيمنا الإنسانية العالية وتثبيتها في الصحائف والكتب وجعلها أنشودة صباحية، يقرأ تفاصيلها أبناؤنا، ويرتلون عبرها نفائسها وجواهرها.. الإمارات تتكئ على جبال من القيم الإسلامية والإنسانية، يستطيع المربون والمعلمون أن يضعوها بين أيدي الأبناء وأمام أعينهم، وما يحصل في العالم يجعل أصحاب القرار يهتفون بصوت عالٍ ويقررون أنه لا يمكن أن نعيش خارج الزمن وبعيداً عن المكان، وإذا أردنا أن نحقق ذواتنا وننجز مشروعاتنا العظيمة، فالبداية من جذر الشجرة، البداية من تراثنا العريق الذي فتح الأبواب وأفرد الأشرعة باتجاه العالم شرقاً وغرباً، وبالحب تقاسم مع الآخر رغيف الحياة، وبالسلام عاش مع الآخر، فأسسنا معه ملاحم تاريخية عظيمة.
اليوم والكرة الأرضية تتدحرج باتجاه حضيض الهلاك، لابد وأن نكون نحن السباقين في إعادة صياغة الكيان الإنساني، لكوننا لنا الأولوية في صعد كثيرة، ولهذا تقع علينا مسؤولية حفظ أبنائنا وصيانتهم ووضعهم في الخانة الإنسانية التي تليق بهم وببلدهم وبشيم قيادتهم الرشيدة.. فالأبناء لا يحتاجون إلى الحشو والتفريغ وإنما هم بحاجة إلى اليقين الأخلاقي، وإلى كيف توزع الأزهار عطرها صباحاً من دون غبن أو حزن.
المصدر: الإتحاد