مؤسّس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون
لم يكن هناك وقت أحوج لنا وللعالم من هذا الوقت، ليعلن فيه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، حفظه الله، أن عام 2017 هو «عام الخير»، فهذه المبادرة الريادية تضع إطاراً تنموياً مستداماً للخير.
وتنشر ثقافة التطوع والعطاء وتعزّز مسيرة العمل الإنساني والخيري، التي زرع بذورها المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، واستحوذت على مكانة متقدمة في فكره واهتمامه، ولا يزال عطاء أبناء زايد الخير يتواصل حتى باتت الإمارات عنواناً للعطاء على مستوى العالم، وأصبحت أياديها البيض ممدودة بالخير لكل محتاج.
العمل الإنساني مكوّن أساسي من مكونات النهضة الحضارية والتنمية الشاملة في دولة الإمارات، ومن المهم تطوير منظومة متكاملة لمأسسته وتعزيز المسؤولية المجتمعية بين مؤسسات القطاع الخاص، وترسيخ ثقافة التطوع بين أفراد المجتمع، ولا سيما الأجيال الجديدة، كونها قيمة إنسانية مهمة، ومؤشر من مؤشرات رقي وتحضر المجتمعات.
وتلعب الثقافة والفنون دوراً مهماً في الوعي بالخير وقيمه والمشاعر المتعلقة به من محبة ورأفة وعطف، والإيمان العميق بأهمية العمل لأجل إسعاد الآخرين، وحب الوطن وخدمته، والتعبير عنه عن طريق غرس ثقافة التطوع ورد الجميل للوطن بمحبة وإرادة فعل وعمل.
ويتطلب العمل الثقافي الاستثمار في تنمية المهارات والخبرات، ورفد الشباب بالأدوات اللازمة والمهارات المطلوبة، للمشاركة في صناعة المستقبل وأداء دورهم الحضاري في خدمة الإنسانية وديمومة النهضة الثقافية للوطن.
وقد سعينا منذ تأسيس مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون عام 1996 إلى إثراء الرؤية الثقافية للإمارات، والعمل من أجل خير البشرية، عاملين عبر مبادراتنا وبرامجنا العديدة، على استلهام قيم بلاد الخير، القيم التي أورثنا إياها الوالد المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، قيم الاحترام والتسامح والحوار مع الآخر، وساعين إلى ترسيخ أسس النهضة الحضارية، التي تعكس رؤية القيادة الرشيدة في استئناف الحضارة الإنسانية، مؤمنين بأنه لا يمكن للحضارة الإنسانية أن تسمو من دون الثقافة والفنون.
ولا يمكن للوجود الإنساني أن ينهض ويرقى بعلومه ومعرفته وإبداعه من دون رعاية مستدامة لعمل الخير وفعل صادق وتطوعي، يقوم به أهل الخير بجود وكرم اعتدناه قيمة نبيلة من قيم العرب قديماً وحديثاً، ليأتي دورنا في ذلك مكملاً، عبر الارتقاء بالوعي الثقافي والحس الفني، وترسيخ قيم الحوار الثقافي والتبادل الحضاري بالتعبير الحر والإبداع والبحث المعرفي.
إن الثقافة والخير وجهان لعملة واحدة، فهما معاً يعملان لبقاء البشرية، وإسعادها بقيم العطاء والبذل والمحبة والتسامح، والكفاح لأجل الآخر، دفاعاً عن حقه في الحياة، وللثقافة دور محوريّ في تعزيز مسيرة الدولة التنموية سواء على صعيد الفكر الإنساني، أو الوعي بكيفية بناء حضارة داعمة للخير، ومحفّزة على فعله، متوافقة مع روح العصر، وفهم الآخر.
كما تسهم الثقافة والفنون في بناء جيل يتميز بحس إنساني مرهف قادر على ابتكار الحلول، والقيام بدور محوري على خريطة الإبداع العالمية، جيل يحمل رسالة التنوير والتطوع والعمل الإنساني، جيل منفتح على العلوم الإنسانية والاقتصادية والسياسية، وقادر على القيادة والتميز في صناعة المستقبل، والإسهام برقي وفعل حضاري في المنجز الريادي لدولة الإمارات، وخدمة الإنسانية.
إننا في مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون نؤمن بأنّ الثقافة تدعم التنمية المستدامة الشاملة في شقّيها الاقتصادي والاجتماعي. ويشكل تضمين الثقافة في سياسات التنمية استثماراً مهماً من الناحية الاقتصادية في زمن العولمة، التي تأخذ مبدأ التنوّع الثقافي في الحسبان، حيث تسهم الثقافة والفنون في تعزيز الإمكانات البشرية، وتطلق الطاقات الإبداعية والفكرية التي تبني مجتمعاً إنسانياً قادراً على مواجهة التحديات، فالقوة الحقيقية هي قوة الفكر، وهو ما نعمل على تكريسه في نفوس الأجيال.
أمّا عن الثقافة والفنون في عام الخير، فإن عام الخير هو عيدها، ومناسبة الاحتفاء بقيم نبيلة أصيلة، جعلت الخير مقياس ارتقاء الشعوب بل وعلاقتها بالله العظيم، فالكلمة الطيبة صدقة، وخيركم خيركم لأهله.
ترقى المجتمعات بالفنون، وبالفنون تزدهر المواهب وتنصقل تجاربها الإبداعية الرائدة والرائعة، وبالفنون ترتقي ذائقة الأفراد فيشكّلون أدوات رئيسة في بناء جسور الحوار بين الثقافات، ويصبحون العناصر الأساسية الفاعلة في مساحة لقاء الشعوب والتبادل المعرفي والحوار الحضاري، وللفنون دور مهم ومحوري في التنمية المجتمعية والإنسانية، ولها دور كبير في تعزيز التكاتف المجتمعي، وتعزيز البعد الإنساني في عمل الأفراد والمؤسسات.
إن مجموعة أبوظبي للثقافة والفنون دار حاضنة للعطاء وفعل الخير، وجامعة لقيم التطوع، ومنصة للإبداع بالفكر المتجدد، تسعى إلى إطلاق المبادرات ذات الصلة بأهداف التنمية الثقافية واستدامة الاستثمار في الإبداع عبر تحفيز المسؤولية المجتمعية والتطوع وخدمة الوطن.
وغني عن القول، إن الارتقاء بالذائقة الفنية والوعي الثقافي وترسيخ الفنون والإبداع في المجتمع واجب نؤديه، ونعمل على تعزيزه في عام الخير، واجبنا الكفاح لأجل الخير كونه مبدأ إنسانياً جامعاً بالكلمة الطيبة التي تخرج من أعماق الروح، مقرونة بالعمل المخلص الصادق في تعزيز دور الإمارات الحبيبة، ا%