تناول مقال الأسبوع الماضي ركناً محورياً من أركان الجودة في التعليم، وهو المعلم، وترتكز جودة التعليم على جودة المعلم، وجودة المناهج الدراسية، وجودة البنية التحتية أو بيئة التعلم (المدرسة)، والحديث هنا عن التعليم المدرسي، أي لا يشمل التعليم العالي، حيث تختلف المعايير والمحاور في كل مجال، ولا يختلف أحد على أهمية التعليم، ودوره المحوري في اقتصادات الدول، بل إن قضية التعليم أصبحت قضية بقاء دول.
لأن الدول التي لن تنهض بركب التعليم والتطوير قد تختفي من على الخريطة، أو في أحسن الأحوال ستظل موجودة ولكن هي أقرب إلى العدم منه إلى الوجود، وستكون دائماً في ذيل القائمة، وتصنّف دولاً فاشلة.
تبدأ جودة التعليم بالتشريعات والقوانين اللازمة، وليس بمجرد النوايا الحسنة أو مبادرات فردية، وحتى تنجح عملية تطوير جودة التعليم، فهناك حاجة إلى وجود معايير شاملة، تغطي جميع جوانب العملية التعليمية بكل محاورها، فينبغي الاهتمام بتكوين المعلم، وتنمية مهاراته ومعارفه، وتوجيه اتجاهاته، وقبل ذلك ينبغي اختياره بعناية شديدة، وباستخدام أساليب علمية في الانتقاء والاستقطاب، واستبعاد من لا تؤهله سماته الشخصية للنجاح معلماً، كما لابد من اتباع نظام لتطوير الأداء المهني، مبنيّ على نظام نقاط يتطلب تدريباً وتطويراً مستمرين، ولا تُجدد رخصة التدريس إلا إذا استوفى المعلم الساعات التدريبية والتطويرية اللازمة، وبالنسبة للمحور الثاني، وهو المناهج، فقد تغيرت الأوضاع حالياً، بفضل تدفق المعلومات والتكنولوجيا، ما يتطلب التخلص من الكتب المدرسية تماماً، والتركيز على محتوى تعليمي متكامل، يعتمد على المصادر المفتوحة، وينمي لدى الطلاب البحث عن المعرفة والتفكير، ولقد تم تناول مثل هذه الأفكار في الدراسات والأدبيات، ولكن دولاً مثل فيتنام وكوريا وسنغافورة اتخذت خطوات على الأرض، ونجحت في ثورتها التعليمية، حتى أصبحت مرجعية الآن في التعليم، لدرجة أن دولة مثل فيتنام تتقدم على الولايات المتحدة بـ10 مراكز في جودة التعليم المدرسي.
العنصر الثالث، وهو المدرسة أو البيئة التعليمية، فيحتاج إلى تغيير في الفكر من حيث التصميم والدور، إذ يمكن الآن تطبيق نظام التعليم المختلط Blended Learning، الذي يتطلب وجود أجهزة محمولة يستخدمها الطلاب للدخول إلى المناهج والمصادر التعليمية المطلوبة، التي تشتمل على محتوى مرئي ومقروء، وبطريقة تفاعلية، وتتيح المدارس الحديثة الفرصة للتفاعل بين الطلاب داخل المدرسة الواحدة، وكذلك مع المدارس الأخرى داخل الدولة نفسها أو مع دول أخرى. إن أفضل استثمار على كل المستويات هو الاستثمار في التعليم، وكما قال نيلسون مانديلا «التعليم هو السلاح الأقوى الذي يمكنك استخدامه لتغيير العالم».
المصدر: الإمارات اليوم