كاتب إماراتي
مبتعث خليجي للدراسة في أميركا لم يفكر في الزواج 30 سنة، إلى أن التقى في الجامعة بشبيهة «هيذر توم»، نجمة مسلسل «جريئة وجميلة». بعد البحث والتحري عرف أنها فتاة محافظة وابنة سيناتور، ولأنه «ابن ناس» أيضاً، فقد قرر دخول البيوت الأميركية من أبوابها.
الخطيبة دعته إلى عشاء السبت العائلي ليتعرف إلى العم والعمة، في تلك الأمسية الجميلة تحدث صاحبنا عن أصله العربي وفصله، وعن أحلامه المهنية وإيمانه بقداسة الحياة الزوجية.
وفي نهاية الأمسية قام العم بجمع الصحون من على طاولة العشاء وتوجه إلى المطبخ لغسلها، هنا انتفض صاحبنا من مكانه ولحق به قائلاً: ماذا تفعل؟! فأجابت الأم وابنتها: اليوم دوره في غسل الصحون والأطباق.
حينها ضاقت الدنيا على صاحبنا وتخيل نفسه يغسل الصحون في موطنه بعد أن يقترن بخطيبته. بعدها أنهى صاحبنا علاقته بشبيهة «هيذر توم» قائلاً لها: نحن لا نصلح لبعضنا بعضاً لأننا من ثقافتين مختلفتين.
قصة حقيقية من مجتمع غربي يتشارك فيه الرجل والمرأة المسؤولية تجاه البيت لتصير المشاركة عرفاً قائماً لا يعيب الرجل والمرأة، وكل العذر للطالب المبتعث الذي نشأ على أعراف مجتمعية تبالغ في تكاليف الزواج بداعي الفرح والاحتفال، وتبذر في الطعام تحت مسمى إكرام الضيف، وتعتمد على الخادمات والمزارعين والسائقين لأن شؤون البيت ليست من أختصاص الزوجين!
ولأن العرف يشمل الممارسة الشائعة بين الناس بحكم العادة، فإن مكمن خطورته في إضفائه المشروعية على الممارسات البالية للأفراد، وبكل واقعية نقول باستحالة تغيير فكر مجتمع يؤمن بأن مجرد مخالفة العرف شذوذ عن القاعدة، خصوصاً مع تجنب أصحاب العقول الخوض في صراع تكون الأعراف أحد أطرافه.
وأخيراً، بتأثير البيئة المحيطة نكتسب أفكارنا، ومن خلال تجربتنا في الحياة تنمو شخصياتنا لنكتشف أن كثيراً من الأفكار التي تلقيناها أو طورتها تجاربنا، أساسها الوهم، ويبقى البعض يعيش في عوالم من التصورات الشخصية بعيداً عن الحقيقة، ثم يحاول تكييف نفسه مع التصورات الخاطئة والتأثير في مجتمعه، وبدوره يقوم المجتمع بتشكيل أعرافه الخاصة لتكون مصدراً للتشريع وأسلوباً للحياة.
المصدر: الإمارات اليوم