الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان
الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان
*وزير الخارجية والتعاون الدولي

الحقوق التي اكتسبتها المرأة في الشرق الأوسط بحاجة إلى زخم أكبر

آراء

ترجمة: هتلان ميديا

في ظل الاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، من السهل ألا نلتفت إلى النماذج الإيجابية التي تدور حولنا. لقد عملت دولة الإمارات العربية المتحدة، هذه الدولة الفتية التي تأسست قبل أقل من 50 عاماً، جاهدة لضمان حصول كل امرأة على فرصة للعب دور رائد في الحياة العامة والسياسية، وحصول كل فتاة على التعليم، وحماية النساء والفتيات من الأفكار الهدامةالتي يروجها المتطرفون.

خلال السنوات الأخيرة، تحسنت حقوق المرأة شيئاً فشيئاَ في أماكن أخرى من منطقة الشرق الأوسط، ويستحق هذا الزخم المتنامي في المنطقة أن نشيد به ونعمل على تعزيزه، إضافة إلى العمل على حمايته من القوى التي ما زالت تقاوم التغيير في المنطقة وتسعى إلى سلب حقوق المرأة، فالفشل في ذلك، ستكون عواقبه وخيمة.

لا تستفيد دول الشرق الأوسط، حيث 60 بالمئة من السكان دون سن الثلاثين، سوى من جزء بسيط من الإمكانات الهائلة التي يمتلكها الشباب المثقف والمتعلم في هذه الدول، ويمكننا الاستفادة بشكل أكبر من هذه الإمكانات من خلال الاهتمام بالتحديات التي تواجهها المرأة في المنطقة، وذلك من خلال توفير فرص متكافئة للمرأة وتحقيق المساواة في الأجور، فضلاً عن وجود أصوات قوية لمناصرة المرأة في مجتمعاتنا.

من خلال الفرص التي توفرها للمرأة، تقدم دولة الإمارات مثالاً يحتذى للمنطقة وترسل رسائل مليئة بالأمل إلى جيل الشباب. وللحد من إهدار القدرات والمواهب التي تتمتع بها المرأة، وتغيير الوضع الراهن، يتعين على الحكومات أن تضع تمكين المرأة على رأس أولويات أجنداتها الإصلاحية. وعلى الرغم من أن الالتزام وحده ليس كافياً، إلا أنه يمهد الطريق لإحداث تغييرات إيجابية يمكن أن تفسح المجال أمام المرأة للحصول على فرص مساوية للرجل. لذلك، اعتمدت دولة الإمارات في عام 2015، استراتيجية وطنية لتمكين وريادة المرأة وضعت أهدافاً استراتيجية لتحقيق المزيد من المساواة في مكان العمل، فالتزامنا بتمكين المرأة منصوص عليه في دستور الدولة والخطط الوطنية الأخرى، بما في ذلك الاستراتيجيات المتعلقة بالشباب والتعليم.

الحل الضروري الآخر هو أن نفعل كل ما في وسعنا لإزالة العقبات التي تحول دون حصول المرأة على نفس الفرص المتاحة للرجل، ويمكن القضاء على هذه الحواجز بعدة طرق تشمل التمييز الإيجابي ونظام الكوتا أو الحصص المؤقتة، وتطبيق تشريعات جديدة ومراجعة التشريعات القائمة، والترويج للنماذج الرائدة التي يمكن أن يحتذى بها.

لقد تمكنت دولة الإمارات، من خلال هذه السياسات، أن توفر فرصاً كبيرة لم تكن متاحة للمرأة في السابق، ففي الحكومة، تشغل المرأة الإماراتية حالياً ثلثي الوظائف، وهي واحدة من أعلى النسب في العالم، وانتخبت دولة الإمارات أول امرأة لرئاسة البرلمان في العالم العربي ما يشكل سابقة مهمة لبقية المنطقة،كما تضم حكومة الدولة تسع وزيرات.

وفيما يتعلق بالقطاع الخاص، كانت الإمارات أول دولة عربية،وواحدة من عدد قليل من الدول حول العالم تصدر تشريعاً يجعل تمثيل المرأة في مجالس إدارة جميع الشركات الخاصة إلزامياً. وبعد عدة سنوات، تقترب نسبة عضوية النساء في مجالس الإدارة في القطاع الخاص من المتوسط العالمي.

إننا ندرك أن زيادة مشاركة المرأة في القوى العاملة، إضافة إلى تكافؤ الفرص والمساواة في الرواتب مع الرجل، أمر بالغ الأهمية لنمو اقتصاد الدولة. لذلك، أصدرت الدولة هذا العام قانوناً يضمن المساواة في الأجور والرواتب بين الجنسين مقابل القيام بنفس العمل، الأمر الذي يؤكد مجدداً التزامنا بتمكين المرأة.

تشكل النساء والفتيات دعامة أساسية في المساعدات الإنمائيةالتي تقدمها دولة الإمارات إلى الدول الأخرى، فعلى سبيل المثال، من خلال تركيز المساعدات التي يتم تقديمها للمجتمعات القروية على المرأة، شهدنا ازدهاراً كبيراً وسط هذه المجتمعات في بعض المناطق الأكثر صعوبة في العالم. كما اتخذت دولة الإمارات موقفاً قوياً من حيث ضرورة حصول الفتيات على التعليم وستواصل العمل لضمان التزام سياساتها في مجال المساعدات التعليمية بالمساواة بين الجنسين.

هذه بعض الأمثلة على التزام دولة الإمارات المستمر بتمكين المرأة، وتؤكد هذه النتائج وغيرها، أن تحطيم الحواجز التي تقف عائقاًأمام النساء والفتيات سيساعد في إحداث تغيير إيجابي ومستدام على المدى الطويل.

تنطلق هذه الإجراءات التي اتخذناها من رؤية القيادة الرشيدة لدعم المرأة، وإيمانها أن الدولة لن تتمكن من الاستفادة من إمكاناتها وقدراتها بشكل كامل، ما لم تدعم المرأة، ولا يمكن تحقيق الرخاء إلا إذا أسهم الرجال والنساء كشركاء متساوين في عملية التطوير والتنمية، وعندما يلمس الشباب المساهمات الحقيقية للمرأة ومشاركتها الإيجابية في المجتمع، سيتبنون هم أيضاً هذه القناعة بشكل كامل.

في هذه المنطقة التي يتعرض فيها الشباب بشكل خاص لقوى العولمة والتطرف، لا يمكن أن تكون عملية تمكين المرأة إضافة تجميلية، بل توجهاً مهماً ومستداماً، ويتعين علينا أن نواصل العمل معاً للحفاظ على الزخم الحالي لحقوق المرأة. وكما نرى في دولة الإمارات، فإن كل خطوة يمكننا اتخاذها لتمكين المرأة هي خطوة في الاتجاه الصحيح.