كاتب إماراتي
تغير علينا صاحبنا، منذ أن نال درجة الدكتوراه، صار ثقيلاً في مشيته، يتصنع الاتزان في حديثه، ويتشدق في عباراته بمصطلحات يصعب فهمها، ينسب كل شيء إلى العولمة، حتى مطاعم الوجبات السريعة لم تسلم من هذه التهمة، لم أصدق خبراً تداولته الصحف حول حصوله على الدكتوراه، خصوصاً أن الخبر لم ينشر صباح الأول من أبريل، كتب في حسابه على «تويتر»: «بتوفيق من الله نلت الدكتوراه في القانون العام، عن بحث يتعلق بتحكيم المعاملات التجارية»، كنت على وشك التعليق بأن المعاملات التجارية هي أحد فروع القانون الخاص لا العام، لكنني لم أفعل، لم يكتفِ دكتور الغفلة بهذا القدر بل أكمل مغرداً يحكي قصة نجاحه، فنشر صور المناقشة، اتضح لنا لاحقاً أن الجامعة التي تخرج فيها تقع وسط غابات الأمازون، لا أعرف مكانها بالضبط، لكنها في الأغلب تقع جنوب مدار الجدي، المشرف على البحث هو البرفيسور بابلو إسكوبار، والإعجاز العلمي هنا أن الأطروحة كُتبت باللغة العربية، رغم أن بابلو لا يتحدث إلا الإسبانية، لجنة المناقشة ضمت الأرجنتيني د.خافيير سافيولا، والباحثة د.آشوريا راي من الهند، بعد المناقشة شكر صاحبنا اللجنة، التي منحته شهادة الدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وأهدى أعضاءها هواتف «آي فون 5 بلس» مع باقة اتصالات المميزة للبيانات.
أكثر الكلمات دفئاً، كانت في الإهداء الذي كتبه صاحبنا على الصفحة الأولى من الأطروحة: «أهدي هذا التفوق إلى زوجتي ورفيقة درب كفاحي.. زوجك المخلص»، لا أعلم إن كانت هناك نسخ أخرى من الأطروحة حملت إهداءً مختلفاً، مثل: «إلى الحب الأول في حياتي إلى فتاة الرصيف ذات العينين الشقيتين.. العاشق المتيم».
يحرص صاحبنا على وضع حرف الدال أمام اسمه حيثما كان.. في المراسلات الرسمية، وفي صفحته على «فيس بوك»، وعلى بطاقات «البزنس كارد»، حتى في الورقة التي نسجل عليها نتائج لعبة «الهاند» يظهر «الدال» واضحاً قبل اسمه، إذا ناديته يا فلان فلن يرد عليك، يا أبو فلان لن يرد عليك، يتصنع الطرش ويتخشب، قل يا دكتور ليجيبك بابتسامة، كتلك التي في إعلانات معجون الأسنان.
ورد في الحديث الشريف أن أول من تُسعر بهم النار يوم القيامة عالمٌ تعلم العلم ليقال عنه عالم، فإن كان هذا عقاب العالم الحقيقي، فما عقاب الجاهل الذي ادعى العلم ليقال عنه عالم؟ وما أكثرهم!
المصدر: الإمارات اليومش