كاتب إماراتي
– لا أدري لِمَ بعض المغرضين حين يكرهون الآخر، يكرهونه لمزاياه، لا لعيوبه، وهو أمر يناقض الطبيعة الإنسانية العادية، لأن الذي يكرهك لعيوبك قد تحترمه، وتعذره، وتقدر رأيه، لكن المبغض والكاره لك، لمزاياك، لا لعيوبك، فهذا تجتمع فيه صفات الحاقد الحاسد المبغض المكره، الغيور، إلى ما هنالك من صفات الذم، والكره للمزايا أمر ينطبق على الإمارات في كل الحالات، هناك فئات من الناس، وجماعات يكرهونها لجميل مزاياها، لا لعيوبها، لأنهم بحثوا عن العيوب، فاتعبتهم، فاتجهوا لأي شيء جميل فيها وتفعله، وهو كثير لا يعد ولا يحصى فعابوه، وحولوه إلى ما تكن نفوسهم من غل وحقد وحسد وبغض!
– دولتنا فيها كل يوم خبر مفرح ويبعث على السعادة، ويزيد من طاقة الإنسان الإيجابية نحو مزيد من الإبداع، وصنع المختلف والمتميز، ويبشر بأن بلدنا تخطو خطواتها الواثقة دون الالتفات للوراء، ودون سماع نباح المسعورين، ومن يستصغرون همم الرجال، ويسخرون من حجم الدول، وهي كبيرة في نظر أبنائها والعالم، لذا الإمارات ذاهبة تتبع أحلامها، وخلف آمالها، تسندها قيادة آمنت بطريق التفوق، واستهدت طريق الخير، بعيداً عن الخطابات التي تشبعك كلاماً، وتخذلك عند الحصاد، وليبق أولئك المسعورون يتمنون الفشل قبل النجاح للآخرين، لأنهم يجترون هزائمهم وفشلهم وحدهم، وليضحكوا تندراً اليوم قليلاً، كما فعل قوم نوح، فغداً يبكون كثيراً، ولا منجي من الغرق إلا بالإصرار والعلم والعمل، وحدها الغربان ظلت تنعق في الخرابات دون أن تتمكن من بناء عش جميل لها في الحياة!
– ثمة رجال يحترمون أنفسهم، ويقدرون كلمتهم، ويثمنون مواقفهم، وهو الأمر ذاته ينطبق على بعض الشعوب المتطورة، ولا شك في أن الشعب البريطاني، مهما اختلفت معه، وتناقضت الآراء بشأنه، إلا أنه من الشعوب المحترمة لتقديسه الوقت، والارتقاء بقيمه الأخلاقية، وافتخاره بمنجزه الحضاري، وإعلائه لكلمة الشرف الإنساني، فمسألة تأخر الوزير البريطاني اللورد «مايكل بيتس» مرة عن مجلس العموم لعدة دقائق، وبعد أن حضر، وهَمّ يلملم جل اعتذاراته، ودون أن يتعلل بالمسببات، سواء أكانت صادقة أم كاذبة، مثل مرض أمه، ووفاة خالته، ووضع زوجته، من تلك المسوغات التي يحفظها العربي منذ نعومة أظفاره، ويستلّها في المناسبات المحرجة، اللورد البريطاني، وحينما اكتشف أن المجلس قد ناقش خلال تأخّره سؤالاً أو استجواباً موجهاً له شخصياً، شعر بالخزي والمهانة، وطلب الحديث من رئيس البرلمان، وقال: «أشعر بالعار لأنني لم أكن موجوداً لأجيب عن السؤال، ولهذا أعلن استقالتي الفورية»، ثم غادر الجلسة وسط استنكار واعتراض وتصفيق، ومحاولة ثنيه عن الاستقالة، وعدم قبولها لاحقاً. نحن العرب عندنا برلمانيون يتغيبون بالأشهر، لأنهم مقاولون من الباطن، وبعضهم يغيب عن جلسات، ويأتي وحقيبته ملأى بالأعذار والمسببات الكاذبة، وبعضهم يأتي على عكاز أو كرسي متحرك، حالفاً بشرفه، ليبرر غيابه، وليحظى بالعطف للانتخابات القادمة، في حين الرجل الياباني لا يستطيع أن يبرر الهزيمة، مهما كانت صغيرة أو كبيرة، ولا يقدر على أن يميز بينهما، فهو في النهاية إما أن يفعل بشرفه ما يمليه عليه ضميره أو يقتل نفسه بشرف!
المصدر: الاتحاد