في خضم الضياع العربي والتيه في غابة التوحش، تبرز إيران كتلة الجحيم التي تنثر شظاياها في كل صوب وحدب، بغية تحقيق مآرب شيطانية الهدف منها إبقاء المنطقة العربية تحت سطوة التشرذم والانهيار والانهزام، وهذا مبتغى إيران وحلمها التاريخي ووهمها الأزلي، حيث تعودت إيران السطو على المنجز التاريخي العربي، فهي الآن تريد أن تقول للآخر إنها حامية الديار الإسلامية.
وهذا أمر ليس مستبعداً على فئة حاكمة في هذا البلد، أخذت على عاتقها رسم لوحة الأكاذيب على جدار الواقع، وسارت تنقش مزاميرها عند كل بوابة زمن، ومنذ انشقاق الصفويين عن الدولة العباسية واتخاذ من إيران مدفعاً فتاكاً للهدم، وتدمير الثوابت الدينية، واتخاذ رموز إسلامية عربية قرشية واجهة للحفاظ على مطمع فارسي.
اليوم وبعد أن انهار العراق وتلاشت سوريا وانكمشت لبنان، بدأت مخالب إيران تمتد إلى الجزيرة العربية وبداية من اليمن، حيث لم تكف إيران عن دعم الانشقاق بهدف إطالة الحرب ومنع الوصول إلى وفاق يحدد معالم اليمن الجديد، ويبعد عنه شبح الحرب الانفصالية المغطاة بلحاف طائفي، والمحقن بأمصال الملال..
ونتمنى للحوثيين أن يعرفوا أن الله حق، وأن الوطن لا يقسم إلى أرغفة تتقاذفها أفواه الطمع، والجشع، وأن الحقوق إنْ كانت هناك حقوق لا تؤخذ بالتآمر أو الارتهان إلى الغير وقتل الأبرياء، وتدمير المنجز الوطني، وتحويل البلد إلى خراب ويباب وعذاب واكتئاب.. فالعقل وحده الذي يقف حداً وسداً ضد الانحلال الأخلاقي، ولا بد من تحكيمه والعودة إليه بقناعة راسخة بأن اليمن بلد عربي ولن يحكمه إلا أهله، مهما بدت الخلافات ومهما زين الأعضاء صورة الانشقاق، فلا بد من صنعاء عربية يتقاسم الجميع على أرضها الحقوق الوطنية، أما وقد نذهب بعيداً إلى حيث يكمن الشيطان ونطلب منه العون، فذلك قمة المهزلة وذروة المعضلة التي لن تجر خلفها غير إعادة اليمن إلى عصور ما قبل التاريخ وما بعد الدمار الكامل.
إيران تقف اليوم في المنطقة موقف الوسواس الخناس، توسوس في صدور الناس كشيطان أكبر لا يهدف إلا إلى بث الفرقة، وحث الأخوة إلى التقاتل والتحارب، لتبقى هي متفرجة، فائزة بهزيمة الأشقاء.. إيران تريد ذلك ويجب أن يريد الحوثيون سلام بلدهم وسلامة شعبهم والارتكاز إلى الشرعية ومنها يفوز الجميع.
المصدر: صحيفة الإتحاد