كاتب سعودي
نشرت صحيفة “مكة” خبراً مفاده عودة 50 من أبناء المملكة الذين توجهوا “للجهاد” في سورية. لعل عودة الشاب مسفر إلى حضن أمه ووطنه سبب أساس دفع الآخرين ليحذوا حذوه. يُذكر هذا أيضاً لبرنامج “الثامنة” فيشكر، إذ أكدت للناس أن الدولة لا تهدف إلى تعذيب أو عقاب العائدين، بقدر ما يهمها أن يكونوا على بيّنة من أمرهم ويراجعوا حساباتهم ويتوقفوا عند الفتاوى المضللة لعقولهم، وفهمهم للواقع.
يعيب مجتمعنا اليوم الثقة بمَن لا يستحقونها. أولئك الذين يعتلون المنابر فيدعون أموراً لا يمكن أن يفعلوها، وينشرون أطروحات تخالف كل القيم والمفاهيم والتعاليم الشرعية والاجتماعية، ليجدوا بين متابعيهم أذناً تصغي فتنفذ دون أن تفكر. والمؤمن كما قال رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ “كيّس فطن”.
ليس في الإسلام مفاهيم مثل العصمة والفوقية وادعاء علم الغيبيات أو النيابة عن الله وعن رسوله ــ والعياذ بالله ــ فهي منتشرة في أقوام ومفاهيم وعقائد لا علاقة لها بالإسلام. أكد ذلك الإمام مالك، حين قال “كل يؤخذ منه ويرد، إلا صاحب هذا القبر” في إشارة لمحمد ــ صلى الله عليه وسلم.
قلنا كثيراً إنه لا يوجد أوصياء على الدين، ولا يحق لأحد أن يختصر الدين في فهمه، ولا يجوز أن تراق الدماء دون علم شرعي وفتوى ظاهرة بيّنة لا يلحقها خلاف أو جدال.
قال كثيرون “إن رأيت أن هذا هو الحق فابدأ بنفسك ومَن تعول”. لكن هؤلاء الدعاة على طريق سورية لا يمانعون في خروج الناس، أما خروجهم هم فهو خسارة للدين وأهله.
لا يمكن أن توضع الدولة ككيان سياسي تحت وصاية الأفراد وآراء الآحاد. لا يجوز لكائن مَن كان أن يقدم الدولة كبش فداء لطموحه الشخصي. توجه فتاوى الخروج بالنفس للجهاد في سورية نحو أشخاص يتحولون إلى ضحايا في سوق نخاسة خبيثة. تبيعهم جبهة إلى جبهة، وتدفع بهم مجموعة إلى مجموعة مقابل اليسير من المال، لينتهي بهم المطاف على نشرات الأخبار التي تعادي المملكة لتوقعها في الحرج، وتزيد نحيب ودعاء ثكلى فقد الأب والزوج والولد، بينما يستمر صاحب الفضيلة في زرع مزيد من الزري الفاخر في مشلحه، وتكذيب مخالفيه.
المصدر: الإقتصادية