العولمة في مفترق طرق!

آراء

من ينقذ العولمة؟ كان هذا أحد الأسئلة الرئيسة التي طرحت صباح أمس في طوكيو. كرستيان لاقارد تؤكد أن ما يمكن إنقاذ العولمة هو التعاون الدولي الجاد لمواجهة الأزمات الاقتصادية. العولمة ليست موضوعاً اختيارياً نستطيع أن نكون جزءاً منه أو لا نكون. إنها قدر العالم اليوم وهي نتيجة طبيعية لهذا التداخل الكثيف في علاقات الدول التجارية وفي أنظمة الكون البنكية والمالية ناهيك عن تقنية التواصل المبهرة التي اختصرت الوقت وقصرت المسافات. لكن تظافر الجهود العالمية لابد أن ينصب على ما يوحد الجهد لمواجهة التحديات المهولة أمام الإنسانية في العقود القادمة على مستويات النمو الاقتصادي وتوفير الوظائف وتطوير البنى التحتية والخدمات الصحية. لكن واقع التنافس العالمي يناقض طموحات -ونظريات- الباحثين عن رؤية “إنسانية” عالمية لمواجهة تحديات العولمة وإشكالاتها.

السياسيون منشغلون كثيراً بأجنداتهم السياسية. من هنا تأتي أهمية أدوار القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني لخلق مبادرات خلاقة تحث وتشجع الأجيال الشابة على الابتكار وتسمح لهم بفرصة أكبر للمشاركة في صناعة مستقبلهم. هناك مبادرات شبابية ذكية يمكنها أن تحفز الشباب على التفكير في مستقبلهم بتفكير خارج صندوق المألوف والمعتاد. إلا أننا في العالم العربي لانستطيع المراهنة كثيراً على القطاع الخاص أو مؤسسات المجتمع المدني كون الحكومات ما تزال المؤثرة الأقوى في حراك المجتمع الاقتصادي. ولهذا تأتي أهمية التعاون الجاد بين القطاعين الحكومي والخاص لدعم المبادرات التي تعنى بالشباب وتحديات المستقبل. وإن لم نبدأ عملياً في خطط سريعة لمواجهة تحديات الفقر والبطالة والتراجع الاقتصادي سنبقى خارج حوارات العولمة.

صناع القرار في منطقتنا معنيون بإدراك حجم مشكلات البطالة والفقر قبل أن يصل تذمر المواطن إلى درجة يصعب فيها إقناعه بأي خطة تنموية أو مشروع اقتصادي. وحينما يفقد المرء ثقته في محيطه نتيجة لسوء ظروفه فلن تجدي الوعود الكبيرة ولن تنفع مثل حواراتنا في طوكيو عن العولمة وتحديات المستقبل!

نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٣١٣) صفحة (٢٨) بتاريخ (١٢-١٠-٢٠١٢)