العين وروابط التاريخ

آراء

الاكتشافات الحديثة في العين، تشير بالبنان إلى أن هذه البلاد كانت ملتقى حضارات، وكانت مرفأ لأحلام عالم فتح عيونه على الجغرافيا، فوجدها شاسعة مثل السماء، فانطلق العنان للفكرة، وأسس حاملات الطموح، لكي يصل، فكانت الإمارات هي نقطة الالتقاء، كانت الإمارات هي حلقة الوصل بين الشرق والغرب، وما اكتشاف القطع الأثرية والتي تتضمن أدوات زينة، وأوعية زجاجية، ومجموعة كبيرة من أواني الشرب ذات الطراز الروماني، إلا دليل على هذه الروابط الوثيقة التي ربطت الإمارات بالعالم الخارجي، وبخاصة الحضارة الرومانية في أوجها وفي خضم انتشارها وتوسعها، كما أن الدور الذي تقوم به دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي هو الدور الوطني الأهم، والذي يكشف عن بصمات، وعن سمات، وعن أثر حضاري تبوأته الإمارات في عصور ماضية، وهذا يتطلب من الجميع أفراداً، ومؤسسات، الانتباه إلى أمر مهم، وهو التطلع إلى بناء علاقة وطيدة مع التاريخ، وصياغة واقع مضاء بتلك الإنارات التي تقدمها دائرة الثقافة، فعلى الباحثين من أبناء هذا الوطن، أن يبنوا على هذه القطرات، ويشدوا من العزم، ويبحثوا ويدرسوا، ويضيفوا، لتصبح القطرات أنهاراً تروي ظمأ عشاق القراءة للتفاصيل، وكل ما يختبئ بين السطور والاكتشافات الحديثة، هي جزء من غزارة وعمق، وهي جزء من كل ولا بد للفنان، والكاتب، والشاعر، والرسام، والنحات، من دور يسجل، ويرسخ، ويثبت ويؤرشف، ويحفظ حق الوطن في الفرح بما تختزنه له الأرض، وما تكنه له من وفاء.

الإمارات غنية، غناها ينبع من ماضٍ زاهٍ، ومزدهرٍ، ومن حاضرٍ متألق، ومتدفق بمعطيات الحضارة وكلما تحتاجه نفس الإنسان.

هذه الآثار التي تم اكتشافها في مدينة العين، وباهتمام وحث من دائرة الثقافة والسياحة، دليل واضح، وصريح على أن بلادنا مهبط الحضارات، وأرض زرعت فيها القيم الإبداعية، كما زرعت النخلة، وليمونة الفؤاد، وغافة الوجد الطفولي.

اليوم يتوجب علينا جميعاً الأخذ في الاعتبار أننا نمشي على كنوز أثرية، لا تقدر بثمن، وعلينا التأكيد على أبنائنا وبناتنا، بأنهم أمام مسؤوليات جسام، تتعلق بالدراسة، والبحث والتحري، والتنقيب عن أصول وفصول، في عالم الإبداع الحضاري الذي تبوأته الإمارات، وهذا يعني أننا أيضاً أمام قافلة من الآثار المؤثرة، في أفكار الجيل الحالي، والذي عليه تقع مسؤولية تطوير الذات عبر بناء الصلة الثابتة، والواثقة مع التاريخ، لأن التاريخ كتاب لا يقبل النسيان، ولا يقبل الإهمال لما مر على الزمان، والمكان.

المصدر: الاتحاد