رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
قبل أيام عدة، تفقد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حفظه الله، سير العمل في مختلف مرافق مطار دبي الدولي، واطمأن سموه بنفسه على راحة المسافرين، وتأكد من تسهيل إجراءات سفرهم ووصولهم من وإلى المطار.
وزار سموه كاونترات «طيران الإمارات»، وشاهد الإجراءات الخاصة بأمتعة المسافرين، والتأكد من تذاكر السفر وصلاحيتها، وكل الأمور المتصلة بتوفير سفر آمن وسلس للمسافرين دون إبطاء أو تأخير، بعيداً عن الإجراءات المعقدة التي قد تسبب تأخير المسافرين عن موعد إقلاع الرحلات.
هكذا هو محمد بن راشد، لا يكتفي بالتقارير المكتوبة، ولا يعشق الجلوس في المكتب، ويفضل دائماً النزول إلى الميدان، ليطمئن ويتابع، ويتأكد من تنفيذ جميع الأعمال الحكومية من دون تعقيد، هكذا هو في الإدارة لا يؤمن بالإدارة عن بُعْد، بل هو أقرب إلى تفاصيل العمل من المسؤولين أنفسهم.
فضّل زيارة المطار في وقت يعج فيه بالمسافرين، وفي وقت زادت فيه الحركة على معدلاتها الطبيعية، وارتفعت فيه الأعداد بشكل ملحوظ، ليطمئن أن الإجراءات مرنة وسهلة في مواجهة هذا الارتفاع الملحوظ في عدد المسافرين، في حين كان بإمكانه أن يطلب كل ذلك مكتوباً وموثقاً ليصله إلى مكتبه، لكن هذا النوع من التقارير لا يستهويه أبداً.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، والوقت يشير إلى ساعات الصباح المبكرة جداً، وعلى كاونتر «طيران الإمارات» وقف شخص لينهي إجراءات سفره على الكاونتر، أدخل حقائبه، وأخذ بطاقة السفر، واتجه نحو مأموري الجوازات، وبعد أن دقّق مأمور الجوازات على جواز السفر، أعاد النظر مرة ومرتين ليتفقد ملامح الشخص الواقف أمامه، ليقفز فجأة من على كرسيه بعد أن تأكد فعلياً أن الجواز الذي بين يديه والشخص الواقف أمامه هو سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد، نائب حاكم دبي، فقال بصوت مهزوز: «تفضل طويل العمر لا داعي للوقوف هنا»، فما كان من مكتوم بن محمد إلا أن أشار إليه بالجلوس، وقال له: «انجز مهام عملك لو تكرمت»، انتهى من ختم الجواز، واتجه نحو حاجز التفتيش ليضع حقيبته ومتعلقاته تحت جهاز التفتيش، وعبر بوابة الأمن مع بقية المسافرين، لينطلق بعدها إلى صالة المغادرة!
بالتأكيد لم يكن الهدف من ذلك السفر عبر «طيران الإمارات»، فلقد كان سموه يستطيع التوجه إلى الطائرة فوراً دون أن يدخل صالة المطار، لكن مكتوم بن محمد أراد أن يخوض التجربة كمسافر عادي، ليتأكد بنفسه من سهولة الإجراءات، ويشاهد بعينه حركة المسافرين، ويطلع عن قرب على الخدمات والتسهيلات، التي يقدمها مطار دبي الدولي إلى المسافرين.
لاشك أبداً في أن هدفه الرئيس كان تقييم عملية وخطوات السفر منذ الوصول إلى كاونتر السفر، وحتى ركوب الطائرة، ليتعرف بنفسه إلى الإيجابيات والسلبيات كافة، فيشكر المجتهد على اجتهاده، ويطلب تذليل وإزالة المعوقات، إن وجدت، وهذا هو أرقى أساليب التقييم والرقابة الحقيقية، التي لا تعتمد على التقارير المكتوبة، كمصدر وحيد للمعلومة، بل تعتمد على النزول إلى الميدان، ومشاهدة الواقع دون زوائد وتجميل!
هكذا نجحت دبي، وهكذا نجحت مشروعاتها، فهُناك قائد يشرف بشكل مباشر على التفاصيل كافة المتعلقة بحياة البشر، ويسعى دوماً إلى تحسينها وتطويرها، وهناك أبناء هذا القائد، الذين يسيرون على نهجه، وينهلون منه أساليب الإدارة والحكم الرشيد!
المصدر: الإمارات اليوم