بقدر ما نرفض تدخلات إيران في الشأن العربي بقدر ما نلوم دولنا في إعطاء إيران فرصة التدخل. اليمن أفضل الأمثلة. فلو لم نهمل اليمن لما وجدت إيران ضالتها في بعض ثوار الجنوب وفي الحوثي وجماعته.
السياسة لعبة مصالح. وكل يبحث عن مصلحته حتى وإن كانت مؤقتة. لكن الأخطر من لعبة المصالح أن تجد مجموعة عربية نفسها وقد أغلقت في وجهها كل الأبواب إلا باب طهران. إيران تستغل الفرص ونحن نهدرها. فاليمن، وتلك فكرة نرددها منذ سنوات، قد يكون بوابة الشر الإيراني القادمة على دول الخليج العربية. لكن التحذير وحده لا يكفي. ولولا أن الرئيس اليمني الحالي توجس خيفة من لعبة إيران مع أبرز دعاة انفصال الجنوب، علي سالم البيض، لما صرح باستنكار تدخلات إيران في الشأن اليمني الداخلي وحذر منها من على منصة الأمم المتحدة قبل أيام.
إيران ببساطة تستغل فقر اليمن وحاجة اليمنيين الماسة ليد تمتد نحوهم. وما فقر اليمن ومجاعته إلا مسألة مخجلة لا يمكن تبريرها لدول الجوار التي وقفت حائرة كيف تُسعف اليمن. الدور الخليجي المرتقب في اليمن – في الأصل ومن قبل ظهور المجاعة – كان يفترض فيه أن يكون لاعبا أساسا في «احتواء» اليمن إلى صف المواقف والمصالح الخليجية. اليمن هو عمقنا الأمني الاستراتيجي. ولو استثمرنا فيه بما يخدم تنميته ونموه لكنا أصلاً خدمنا المنطقة كلها وأغلقنا الأبواب في وجه إيران. نحن متأخرون جداً. لكن – و بالرغم من ذلك – ما تزال الفرصة مواتية أن تستثمر دول الخليج اقتصادياً في اليمن بما يخدم مصالحها المستقبلية ويقطع الطريق أمام إيران وفتنتها التي تسعى لإشعالها في المنطقة.
اليمن يمكن أن يكون كنزا من الفرص الثمينة للخليج لكنه – أيضاً – قاب قوسين أو أدنى من أن يشكل بركاناً من الفتن والمخاطر للمنطقة كلها. لقد بح الصوت ونحن نحذر: انتبهوا لليمن ومن اليمن!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٣٠٣) صفحة (٢٨) بتاريخ (٠٢-١٠-٢٠١٢)