كاتبة إماراتية
أقصى درجات السعادة هو أن نجد من يحبنا فعلاً، يحبنا على ما نحن عليه أو بمعنى أدق، يحبنا برغم ما نحن عليه نجيب محفوظ. ولكن كيف للحب أن يستمر إذا كان ينقصه التكامل في العلاقات الزوجية؟
يعتقد أغلب الناس بالمثل القائل (الطيور على أشكالها تقع) ولكن هناك عدة أدلة على أن العلاقات الزوجية تُبنى على التكامل بدلاً من بنائها على التشابه في بعض الأحيان. فوفقاً للبنية النفسية لدى الأزواج تكون بنية الزوج والزوجة إما أم/أب أو بالغ/بالغة أو طفل/طفلة ومع الارتباط يحدث النفور أو الانسجام.
قد نجد امرأة جميلة ومحبة للعطاء وبها صفات رائعة يرى الكثير أنه لا يجدر بأي رجل أن يفرط بها ولكن زوجها يقف مرتبكاً لأن وجودها لا يشبع حاجته النفسية وليس لها الشخصية المناسبة لتحقيق سعادته، هنا قد تجد بنية الزوجة النفسية »أم« والرجل »أب« لذا يحدث التنافر لأن في هذه العلاقة أحدهما فقط من يجب أن يتحكم ويملك زمام الأمور. وقد نجد رجلاً في بنيته النفسية طفل يتلذذ في الأخذ ولا يحب العطاء فتنظر له الزوجة على أنه أناني إذا كانت بنيتها النفسية بالغة.
وإذا رجعنا لقصة عدم توافق الأمير تشارلز والأميرة ديانا لوجدنا أن عدم تكامل احتياجات الحياة الزوجية سبب رئيسي في رحلة الألم. فقصة الأمير والأميرة بعيدة عن الحب والعشق المتبادل الذي استمرت معه الخلافات الكبيرة في أواخر الثمانينات مما أدت إلى انهيار ميثاق الزواج. فالأمير تشارلز طفل في بنيته النفسية..
وهذا لا ينتقص من قدره شيئاً والأميرة ديانا بالغة في بنيتها والذي كان سبباً في تعلق تشارلز بإحدى صديقات ديانا »كاميلا باركر«. ولكن ما الذي أعجبه في كاميلا كما تم تداوله بين الناس فهي لا تملك هذا الجمال الذي يأسر القلوب كالأميرة ديانا. ينجح الانسجام بين كاميلا والأمير لنجاح التكامل للبنية النفسية فكاميلا بنيتها النفسية »أم« والذي يشبع البنية النفسية لشخصية الطفل في العلاقة لأن الأم تستمتع في العطاء والطفل يستمتع في الأخذ.
نتفاجأ من زوج وهو في أواخر الخمسينات يأخذ الزوجة الثانية غير آبه بالتحطيم النفسي الذي يسببه لأم أبنائه وعذره أنه غير مقصر من الناحية المادية فتردد الزوجة بحزن »عمري ما قصرت معاه، الغريب أن الزوجة الثانية في عمر بنته الصغيرة«. في هذه العلاقات تجد أن الزوج »أب« في بنيته النفسية والزوجة »أم« في بنيتها النفسية لذا حدث التنافر، وتحقق الانسجام في الزوجة الثانية لأن شخصيتها »طفلة« بغض النظر عن فارق العمر بينهما.
الانشغال بالألم هو توقف مؤقت عن الحياة وهو إقحامٌ للعجز في عقولنا فالألم لا يدمر الإنسان بل الإنسان بخضوعه للألم والرثاء لحاله بالتحدث عن آلامه يدمّر نفسه، فالعظماء يرون في الجروح دافع للمقاومة والوصول إلى عالم أجمل فلو لم يوجد الألم لما كانت للفرحة قيمة.
المصدر: صحيفة البيان