رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
بسيطة جداً فكرة «أوبر»، ورغم بساطتها فإن الشركة أصبحت واحدة من كبريات شركات العالم حالياً، بل هي أكبر شركة مواصلات عالمياً، دون أن تمتلك مركبة واحدة، وبكل تأكيد فإن وضعها المالي ممتاز للغاية، فقد قفزت إيراداتها إلى 2.8 مليار دولار، خلال الربع الأول من هذا العام، بزيادة بلغت 63% على الفترة ذاتها من العام الماضي، وهذا شيء طبيعي جداً مع توسع هذه الشركة وضخامتها وانتشارها عالمياً، مع انخفاض التكاليف التشغيلية الحقيقية للشركة.
لا يهمني هُنا «أوبر» وأرباحها، فالموضوع الذي أود التحدث عنه لا علاقة له بالاقتصاد بالمرة، فهو موضوع إنساني بالدرجة الأولى، ويُعنى بإنقاذ حياة البشر، ولو أن هناك قيمة معروفة لحياة الإنسان، لكان هذا المشروع أهم وأكبر وأضخم من «أوبر»!
الفكرة تقريباً متشابهة، كفكرة فقط، ولا أتحدث هنا عن مقارنات، ولا مقاربات، فلا مجال للمقارنة بين تطبيق هاتفي لشركة عالمية ضخمة قائمة على أساس تجاري، وبين تطبيق هاتفي يُعنى بإنقاذ حياة الناس، لكنها الفكرة فقط هي التي حولت مشروعاً عالمياً كـ«أوبر»، إلى مشروع آخر محلي، يُطلق عليه اسم «أسعفني»!
«أسعفني»، الذي تعرضه مؤسسة دبي لخدمات الإسعاف في «جيتكس»، هو تطبيق هاتفي يشترك فيه أكثر من 230 طبيباً ومُسعفاً، تم تسجيلهم، بعد أن تلقوا تدريبات مكثفة للتعامل مع مختلف الحالات الطارئة، هؤلاء الأطباء والمسعفون يحملون التطبيق على هواتفهم، ويتلقون إشعارات هاتفية فورية من قبل العمليات في حالة وجود حالات إنسانية حرجة تحتاج إلى الإنقاذ أو المساعدة، في المنطقة ذاتها التي يوجدون بها، لينطلقوا فوراً ويصلوا إلى المكان المخصص بسرعة فائقة قبل وصول سيارات الإسعاف، ليقوموا بالمعالجة الأولية الضرورية للشخص المصاب بنوبة أو حالة طارئة، إلى حين وصول فرق الإسعاف لنقله إلى أقرب مستشفى.
هذه الخدمة الضرورية أسهمت في تحقيق هدفين مهمين للغاية: الأول هو القدرة الفائقة على اختصار زمن الاستجابة للحالات الحرجة، واتضح ذلك من خلال نجاح هؤلاء المسعفين في إنقاذ ثماني حالات توقف في القلب، من دون شك كُتبت لهم أعمار جديدة بسبب وصول المسعفين بشكل سريع، إضافة إلى معالجة أكثر من 260 حالة خلال شهرين. والثاني هو ضمان التعامل الصحيح مع الحالات الحرجة، لأن المسارعة في إنقاذ شخص ما، من دون امتلاك المُنقذ لمهارات أساسية في التعامل مع تلك الحالات، لها نتائج سلبية بل كارثية في كثير من الأحيان!
لذلك نجح هؤلاء المُسعفون، من خلال وجودهم السريع عبر التطبيق، في إنقاذ أصحاب الأمراض المزمنة، إضافة إلى حالات النوبات القلبية والسكتات الدماغية، التي تتطلب أقصى درجات السرعة، بشكل يجعلنا نُجزم بأن حياة هؤلاء المصابين، وإن قلّ عددهم، لا تقل قيمتها عندهم وعند أهاليهم عن عائدات «أوبر» للربع الأول من هذا العام!
المصدر: الإمارات اليوم