ناصر الظاهري
ناصر الظاهري
كاتب إماراتي

ترنيمة الحب قتلتها النرجسية

آراء

– لوحة «العشاء الأخير» للفنان الإيطالي «دافنشي» وتجسيدها حيّة، هي أكثر الأشياء إثارة في الحفل الأولمبي الذي أُقيم لأول مرة خارج احتفاليات الملاعب والساحات المغلقة، الحفل كان مسرحه معالم مدينة باريس ونهرها السين.

– المغني «فيليبي كاترين» الذي ظهر عارياً في تجسيده للآلهة الإغريقية «ديونيسيوس»، شكل نوعاً من الاستفزاز لكثير من ثقافات شعوب العالم وقيمها الاجتماعية المحافظة، وهم الذين يشكلون نسبة عالية من المشاركين والمشاهدين للأولمبياد الذي يفترض به أن يكون حضارياً، ويمثل حضارة الإنسان في العموم، لا الخصوص، لإرضاء نرجسية مخرج الحفل «توما جولي»، وتوجهات قوى تسانده في المجتمع، وقيم جديدة يؤمن بها بعض الغرب، ويريد لها التعميم والذيوع.

– البعض انتقد ظهور الملكة «ماري أنطوانيت» مقطوعة الرأس، وتحمله في يدها دلالة على العنف، وهذا أمر متاح في الفن، فالمقصلة أو «الغيوتين» هي التي فصلت رأس الملكة «ماري أنطوانيت» عن جسدها، ورأس الملك لويس السادس عشر، وهذه حقيقة تاريخية، وإن كانت عبارتها المشهورة غير موثقة تاريخياً، ويشك فيها الكثير، تلك التي قالتها حين علمت أن الشعب الفرنسي جياع، ولا يجدون خبزاً، فقالت: إذاً ليأكلوا البسكويت! والناس يخلطون بين من نسبت له المقصلة وحملت اسمه «غيوتين»، وهو طبيب تشريح فرنسي عارض الإعدام، وبين مبتكرها «أنطوان لويس» عام 1792م.

– من الأمور التي ظهرت في حفل الافتتاح، ورآها البعض أخطاء لا تغتفر، رفع العلم الأولمبي مقلوباً، ومناداة فريق كوريا الجنوبية على أنه فريق كوريا الشمالية، وظهور بعض الفضائح عند الكشف على اللاعبين، وهذه كلها كان يمكن تفاديها من قبل، فالإعداد والاستعداد للأولمبياد أخذ سنوات، لا أياماً وأشهراً.

– حفل الافتتاح كان مشتعلاً على وسائط الإعلام الرقمي و«السوشيال ميديا»، وحجم الكذب فيه، وعليه كان كبيراً، حتى مشاهد فقرة «العشاء الأخير» تراجعت الأقوال بين الحذف والإبقاء عليها في شريط «اليوتيوب»، نظراً لاحتجاجات المسيحيين الذين رأوا فيها إهانة للسيد المسيح وظهوره مجسداً في شخصية زرقاء لا تليق بنبي، وقد اعتذر المنظمون علناً عن أي إساءة اعتقد المسيحيون والمؤمنون أنها جرحت مشاعرهم الدينية.

– «سيلين ديون» خرجت من رماد المرض وحطام العظام، وانهيار الجسد، لتقف في حدث عالمي كالأولمبياد، وتعود للغناء بعد أخذها جرعة فيها خطورة على حياتها، لكنه الإصرار والعزيمة اللذان جعلاها تتخذ خطوة نحو المغامرة والصدق، بأغنية «ترنيمة الحب» للعالم، وهو شعار البطولة الذي غاب عن الكثيرين، وخدشوه بنرجسيتهم في المبالغة في إظهار العُري، وألاعيب «الايروتيك»، و«تجنيس وتدنيس» الرياضة.

– قبيل الافتتاح تم تخريب منظومة سير خطوط القطارات في فرنسا مما أربك 800 ألف مستخدم لتلك القطارات، وظهرت أنباء عن انقطاع كهربائي كامل عن معظم الأحياء الباريسية، ثم تخريب «كيبل الألياف» الناقلة، رغم انتشار 57 ألف شرطي ورجل أمن حوّل باريس لتأمين أجوائها منهم رجال أمن من الإمارات وقطر وألمانيا، عدا عن الجنود العسكريين.

– دورة الألعاب الأولمبية، من البطولات الرياضية الجميلة والمتنوعة والمسلية في التحدي، وصنع المختلف والفخر بعلم الأوطان حين ترتفع، وتسجيل أرقام جديدة تظهر مدى قدرة الإنسان وتطوره، وتسخير الإمكانيات الأخرى لتفوقه.

المصدر: الاتحاد