بعد جيل ضحى وأحرق شموع عمره لكي يقدم الكلمة الصادقة ويسرد قصة النشوء والارتقاء بإخلاص وجدية وثقة، وقدّم كل ما لديه، يبقى اليوم الدور الجديد لدماء جديدة تقع على عاتقها مسؤولية حمل الرسالة، وواجب تلبية نداء الوطن في الذود عن منجزاته والدفاع عن مشاريعه، وحماية مكتسباته بالكلمة الحرارية التي تذيب كل ما هو غث، وكل ما هو رث، كلمة كأنها الشجرة، الإنسان هو الذي يعلق الثمرات على أغصانها، والإنسان هو الذي يلون أزهارها، وهو الذي يحفظ الود مع اخضرارها.
ولأن الزمن تغير بدرجة منفرجة فإن المطالب تتسع حدقاتها، والجهود تتزايد قوة صلابتها، والبذل يحتاج إلى عرق أكثر ملوحة، لحماية الأهداف من العطب.
اليوم وبوجود الوسائل الحديثة في مجال البث والإرسال والاستقبال، فإن وسائل الإبداع يجب أن تتنوع وتتعدد، وتتميز وتختلف كلياً عما كان في الماضي.
اليوم الصحافة الورقية تواجه منافساً شرساً، هو السوشيال ميديا، هذه الموجة العالية تحتاج للمزيد من الوعي، وإدراك ما يستتبع العمل الإعلامي من تجديد في المهارات، وتحديث في الأدوات، وتغيير في السبل والوسائل القديمة، والانتصار لسرعة التغيير، والانتقال من خانة الركود إلى زاوية الحركة المستمرة، لذلك ما سيواجهه الشباب ليس بالأمر السهل، ولكن ما يجعلنا نتفاءل هو أن أمام الشباب حزمة من التراث وتراكمات المهنة تركها الرواد، ومن يمسك بزمام المهنة لا بد وأن يستفيد من ذلك المخزون الرهيب، ليكمل المسيرة بنشاط وعزيمة وإرادة.
اليوم لدى الشباب وسائل كثيرة مساعدة، كما أن أمامهم صعوبات أكثر، وهي أن إعلام اليوم يواجه وسائل التحديث في التقنية الإعلامية، الأمر الذي يهدد كل متقاعس، وكل مهمل، وكل كسول، ومن يجلس مكتفياً لن يستطيع أن يلحق بالقطار، والقطار سريع بدرجة مدهشة، كما أن الإمارات في مختلف المجالات والصعد حققت منجزات مذهلة، وهي تحتاج إلى إعلام يواكب هذه النقلات الرشيقة ذات الجاذبية اللافتة.
فجيل اليوم أمامه درجات سلم عالية وعليه أن يمتلك قوة ذهنية في غاية المهارة وإرادة تمنحه المبادرة والمثابرة، وسرعة التناول واقتناص الخبر، وبناء الدراسة، وسبك التحقيق، والعمل على الانتقال من العمل المكتبي إلى الميداني، فالميدان هو سر المهنة، وهو مكانها ولغزها، الميدان هو صوت الوطن وهو حبر القلم، الميدان هو نقطة الانطلاق من منطقة التجمد إلى لجة المحيط المائج، وهذه مدرسة قديمة وعتيدة، ولكنها اليوم تبدو أكثر إلحاحاً إذا ما توخى الإعلامي الرغبة في كسب الرهان والفوز بجنة النجاح في مواجهة وسائل الإعلام الأخرى.
ورسالة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للإعلاميين واضحة وجلية ومؤثرة جداً، ومن يقرأ بين السطور يعرف مدى عبقرية هذا القائد وفهمه لدور الإعلام.
المصدر: الاتحاد