أصدر المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي أمس قراراً بشأن عقود إيجار الأماكن، والذي يتضمن إلغاء تمديد عقود الإيجار ونسبة الزيادة السنوية البالغة 5% اعتباراً من 10 نوفمبر الحالي.
وقال مسؤولون ومتعاملون في السوق العقارية بأبوظبي إن تقدير القيمة الإيجارية أصبحت تخضع لإرادة المتعاقدين، وتحكمها قواعد العرض والطلب السارية في السوق العقاري، مؤكدين أن القرار يسهم في تحقيق التوازن بالسوق، ودعم التنافسية بالقطاع العقاري في العاصمة.
وأكد هؤلاء أن القرار ينصف بعض الفئات المتضررة سواء من المستأجرين أو الملاك.
وقال عتيبة بن سعيد العتيبة، رئيس مجلس إدارة مشاريع العتيبة، إن إلغاء الزيادة السنوية المحددة بـ 5% كحد أقصى جاء في وقت تغيرت فيه ظروف السوق، موضحاً أن وقت الطفرة العقارية كانت أسعار بعض الوحدات تتضاعف فور إخلائها وإعادة تأجيرها، وهو ما استلزم وقتها التدخل لكبح جماح الأسعار وتنظيم السوق بوضع حد أقصى للزيادة السنوية.
لكن الأوضاع تغيرت في الوقت الراهن، وبلغت السوق العقارية مرحلة الاستقرار فيما يتعلق بالعرض والطلب، وبالتالي لا يوجد مبرر لاستمرار تحديد الزيادة السنوية، بحسب العتيبة.
وكان العمل في قرار سقف الزيادة السنوية قد بدأ العمل به عام 2008، لضمان استقرار سوق العقار على نحو يحد من الأثر التضخمي لارتفاع الإيجارات وقتذاك، وانعكاساته السلبية المحتملة على المكانة التنافسية للإمارة والنمو الاقتصادي المستدام والاستقرار الاجتماعي للأسر والأفراد.
بيد أن دخول عدد كبير من الوحدات السكنية إلى السوق قاد إلى مرحلة استقرار الأسعار، وبالتالي انعدام الحاجة إلى التدخل الحكومي.
وبحسب تقرير لمركز الإحصاء – أبوظبي، تم إنجاز 3176 وحدة سكنية جديدة بالإمارة خلال الربع الأول من العام الحالي.
وأظهر تقرير لشركة «جونز لانغ لاسال» للاستشارات العقارية، أن عدد الوحدات السكنية المتوقع تسليمها في أبوظبي خلال عام 2013 يصل إلى نحو 14 ألف وحدة سكنية.
ورغم أهمية القرار، إلا أنه قد لا يكون كافياً لتنظيم العلاقة بين المستأجرين والملاك، لاسيما في ظل غياب جهة محددة مسؤولة عن تنظيم السوق العقارية في أبوظبي.
وقال الخبير العقاري مبارك العامري، إن العاملين بالسوق كانوا يطالبون منذ فترة بوقف الزيادة السنوية وترك الأسعار للعرض والطلب، لكن من الضروري إيجاد جهة مسؤولة عن السوق العقارية بأبوظبي لسرعة اتخاذ القرارات الخاصة بتنظيم السوق. واتفق العتيبة مع العامري فيما يخص الحاجة إلى جهة تنظيمية للسوق العقارية في العاصمة، بما يضمن معالجة جميع المشاكل بين الملاك والمستأجرين أو المشترين، وأيضا لوضع حدود قصوى لأسعار العقارات، بناء على التوزيع الجغرافي. وأكد العامري أن نظام توثيق العقود الإيجارية الذي طبقته بلدية أبوظبي مؤخراً غير كاف لتنظيم القطاع، موضحاً أن النظام تشوبه بعض العيوب التي تعوق الاستفادة منه.
ومع أن القرار يفتح المجال أمام زيادة الأسعار دون محددات، إلا إن خبراء قللوا من مخاوف بعض المستأجرين إزاء استغلال الملاك للقرار في زيادة القيمة الإيجارية. وأكد العتيبة أن توافر المعروض بالسوق يحد من حدوث زيادات غير معقولة بالأسعار، لاسيما في ظل وجود وحدات سكنية جديدة متميزة ومكتملة الخدمات، بأسعار تنافسية. على أن القرار يعود بفائدة بصورة مباشرة على بعض المستأجرين، لاسيما الذين وقعوا عقوداً إيجارية بأسعار مرتفعة خلال السنوات الأخيرة، ومع إصرار الملاك على تطبيق الزيادة السنوية المقررة بـ 5%، أصبحت قيمة وحداتهم الإيجارية أعلى من السوق. وقال وائل الطويل العضو المنتدب لشركة تلال كابيتال “بعض المستأجرين كانوا يضطرون لقبول الزيادة السنوية تجنباً لتكاليف النقل أو لظروف خاصة كالقرب من مقر العمل أو المدارس”. وأضاف أن القرار الجديد يعزز المنافسة في السوق، بما ينعكس على جودة العقار، وهو ما يعود بالفائدة على السوق العقارية في العاصمة.
وقال مسعود العور رئيس مجلس إدارة شركة تسويق للاستثمار والتسويق العقاري، إن القرار يؤكد اهتمام الجهات المسؤولة بدراسة ظروف السوق، واتخاذ القرارات المناسبة في هذا الإطار.
واعتبر الطويل أن ترك أسعار الإيجارات في أبوظبي للعرض والطلب سيعكس القيمة الإيجارية الحقيقية للعقارات. من جهة ثانية، يعود القرار بالنفع على بعض الملاك الذين تضرروا من انخفاض القيمة الإيجارية لوحداتهم السكنية مقارنة بأسعار السوق السائدة. فعلى سبيل المثال، فإن المالك الذي قام بتأجير شقة مؤلفة من غرفتين بسعر 40 ألف درهم بداية عام 2006، قد تصل قيمتها الإيجارية الآن إلى نحو 55 ألف درهم، بما يقل عن السعر الحقيقي للوحدة بالسوق. وذكر العتيبة أن بعض الملاك المتضررين من انخفاض قيمة وحداتهم السكنية عن السوق يستفيدون من القرار، موضحاً أن بعض الوحدات تقل أسعارها عن السوق بنحو 40%. وأضاف أن الفترة الماضية شهدت أيضاً تنازل بعض الملاك عن الزيادة السنوية للاحتفاظ بالمستأجرين. وأوضح العور أن القرار يسهم في توزيع التعداد السكاني بشكل أفضل، مستبعداً قدرة الملاك على زيادة الأسعار بنسب مرتفعة في ظل توافر المعروض بالسوق. وأكد عبدالرحمن الشيباني رئيس مجلس إدارة شركة منابع العقارية، أن الوحدات القديمة التي تم تأجيرها بأسعار منخفضة قبل نحو 7 سنوات، ارتفعت أسعارها اليوم مع إصرار بعض الملاك على تطبيق الزيادة السنوية، وهو ما أدى إلى ارتفاع إيجارات بعض البنايات القديمة. وقال “على سبيل المثال فإن الوحدة التي تم تأجيرها عام 2006 بسعر 50 ألف درهم، يصل سعرها اليوم إلى نحو 70 ألف درهم، ليتقارب السعر مع الوحدات الجديدة المتميزة، والتي تضم خدمات عديدة مثل مواقف السيارات الداخلية”. وكان المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي أصدر العام الماضي قراراً بشأن مد عقود إيجار الأماكن، ونص على تمديد المهلة المحددة في قانون إيجار الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين لتصبح بتاريخ 9 نوفمبر 2013، كما كان يحدث سنوياً منذ عام 2008. وكان قانون الإيجارات رقم 20 الصادر عام 2006، نص على أنه لا يجوز للمؤجر أن يطلب من المستأجر إخلاء العين المؤجرة، إلا بعد مرور ثلاث سنوات من تاريخ العقد الأصلي، قبل أن تتم زيادتها إلى 4 سنوات، ثم إلى 5 سنوات، وهو ما منح المستأجرين مهلة إضافية انتهت بحلول شهر نوفمبر 2010، ثم صدر قراراً بتمديد مهلة انتهاء العقود الإيجارية بأبوظبي حتى نوفمبر 2011، تلاه قرار آخر بمدها حتى نوفمبر 2012، فيما مد القرار العام الماضي المهلة حتى نوفمبر 2013.
المصدر: سيد الحجار (صحيفة الاتحاد)، وام