الإمارات الأبية، رجالها أشجار عملاقة، تظلل التراب بدماء طاهرة زكية.. جاسم البلوشي، رجل، بطل باسل من هذا الوطن، قدم روحه قرباناً للآخرين، وحزاماً لسلامتهم وسعادتهم.. هذه هي بلد السعادة، تنتج رجالاً أفذاذاً جهابذة بواسل، يضعون أرواحهم فداء للآخرين، ضاربين بذلك مثال الجود وثراء النفس ورخاء الروح في التفاني والإيثار..الشاب جاسم البلوشي وجد نفسه في قلب الحدث، فأبى إلا أن يسخى بالروح وأن يتفادى الأنانية الفردية، ليكون في المحيط الأوسط، يكون بين الناس ومن أجلهم، وأن يكون القدوة والنموذج في التضحية.
هذه هي الإمارات تزدهر دوماً بأرواح الشباب الشفافة، تثمر بالقلوب اليانعة المترعة بسلسبيل العطاء اللامتناهي، المتسعة من بحر العرق حتى نهر الحدق، تقدم من أجل الوطن، ولا تلتفت إلى الوراء، لأن في الأفق يبدو نجماً واسعاً ساطعاً لامعاً، اسمه الإمارات، والواجب أن نصونه ولا نخونه، وأن نزنه بميزان الحب، وأن نضعه ما بين الرمش والرمش، رجالنا.. شبابنا في كل مواقع التحدي نجدهم ليوثاً، صناديد، يملؤون الفضاء برياحين، أرواحهم المعبقة بعطر الأشواق العظيمة والأنساق الحكيمة، هم هكذا من عبق الصحراء، نهلوا من عشق النخيل للتراب، استلهموا، فساروا في دروب الحق، ينحتون أسماءهم الوضاءة، بحبر الدماء وقلم القمم الشماء. هؤلاء هم شبابنا.. عيال زايد، نسل النجباء والأوفياء، يخوضون الحياة بمبادئ الالتزام الخلقي الرائع.. والمسؤولية الإنسانية التي لا مثيل لها ولا شبيه لها، إلا في الإمارات، الإمارات نفسها، تشبه نفسها، الإمارات نفسها، في المشهد الإنساني مسافة مضيئة ما بين الحاجب والحاجب، وما بين الجبل الشاهق والنجم الصاخب، هي بقعة، هي رقعة، هي عبارة منسوخة من وحي السماوات والأرض، هي الإمارات في الطول وفي العرض نهضة وحضٌ، ونحر تجلى بقلائد المجد المجيد، والحث السديد، والبث المرفوع بأعناق، وأشواق، وأنساق، وأحداق، وأطواق، وأعراق، وإشراق، يضع النجم في عين النهار، خيوطاً وخطوطاً وبساطاً من ترف العشق الأبدي، لوطن أعطى العشاق من الأشواق ما يكفي ويفي، فصاروا أبيات شعر معصومة من خلل الوزن وعسف الوهن وكِسف العهن.
جاسم البلوشي، شكراً.. شكراً.. ما قدمته تاج على رؤوسنا، ووسام على صدورنا، ودم يجري في عروقنا، وفي الذاكرة ستكون سيدي قيثارة وعد، وأيقونة عهد، وكتاباً محفوظاً، ونخلة ماؤها من دم العشاق.
جاسم البلوشي، الشهداء لا يموتون، بل هم أحياء عند ربهم يرزقون.
المصدر: الإتحاد