كاتب وناشط حقوقي، راعي منتدى الثلاثاء الثقافي، وعضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف
فرضت الشفافية نفسها بصورة كبيرة في العقود الماضية كمنهج شامل لمتابعة ومراقبة أداء مختلف الأجهزة الرسمية والمسؤولين ومحاسبتهم، من خلال إطلاع الجماهير والرأي العام عبر مختلف الوسائل على تفاصيل ما يجري في الحكومة على مختلف مستوياتها.
لعل من أهم ما يميز الشفافية أنها تهيئ لكل فرد من المواطنين القدرة على الحصول على المعلومات العامة للمؤسسات وعملها، وآلية اتخاذ القرارات فيها، وبالتالي يتمكن من تقييم أداء هذه المؤسسة وعملها.
وتعمل المؤسسات المعنية بالشفافية في عدة مجالات أبرزها حرية تداول المعلومات ومكافحة مختلف أشكال الفساد، كالمراجعة الداخلية والمحاسبة والكسب غير المشروع والذمم المالية، ومراقبة الانتخابات على مختلف مستوياتها، ومقارنة التشريعات مع الممارسات، ودراسة التجاوزات الإدارية والمالية.
ولذلك فإن غياب هذه الممارسة – أي الشفافية – يجعل دور المواطن محدودا ومقيدا وغير فعال.
المواطن عندما يكون شريكا في الرقابة والتدقيق والمتابعة يمكن أن يشكل إضافة حقيقية لمختلف المؤسسات القائمة، فهو المصدر الأساس والأول للمعلومات التي يمكن أن تقود للمعالجة، ويمكنه معرفة مكامن الخلل في موقع عمله أو في محيطه.
من هنا اتجهت كثير من الدول إلى تمكين عديد من المؤسسات الأهلية التي تعنى بالشفافية للقيام بدور رقابي في مختلف هذه المجالات، وكذلك فهي تحفز عموم المواطنين على تحمل مسؤولياتهم الرقابية من خلال توعيتهم وإبراز المعلومات العامة لهم.
في المشروع المقدم لمجلس الشورى الشهر الماضي لنظام حرية المعلومات، تم التأكيد فيه على «أن حرية تداول المعلومات والاطلاع على البيانات والإحصاءات والوثائق حق مكفول لكل المواطنين»، وأن «على المؤسسات العامة الالتزام بتهيئة البيئة الملائمة لخزن وتبويب ما لديها من معلومات ووثائق بما يناسب طبيعتها، وإتاحتها للمواطنين وتخصيص موظفين للتعامل مع المعلومات وطالبيها».
ويمنع مشروع النظام المقترح المؤسسات العامة من رفض تقديم معلومات أو إعاقة الحصول عليها إلا في مجالات محدودة، عبر وضعها تحت بند «عدم الإفصاح» وذلك بحكم قضائي أو مبرر نظامي.
حرية تداول المعلومات هي المدخل المناسب للشفافية. وكي تكون فعالة فهناك حاجة ملحة للسماح بقيام جمعيات تعنى بالشفافية، لمؤازرة المؤسسات القائمة حاليا كهيئة النزاهة ومكافحة الفساد، التي تلقت 6 آلاف قضية فساد العام الماضي فقط.
إن وجود جمعية وطنية للشفافية – كما هو الحال في البحرين والكويت -، سيساهم بكل تأكيد في معالجة أوجه القصور في المؤسسات العامة، وفي ضبط ورقابة تنفيذ المشاريع والخدمات، وتصحيح مسار الخطط الحكومية كي تكون أكثر فعالية.
كما أنها تساهم في تأكيد تطبيق المعايير السليمة في الممارسات كالانتخابات وغيرها، وتوعية المواطنين وإشراكهم في عملية الرقابة والقدرة على حصولهم على المعلومات اللازمة.
المصدر: الشرق