رئيس تحرير صحيفة الإمارات اليوم
مفرحٌ جداً ما تشهده الإمارات من حركة تعليمية ثقافية، هذا الحراك الثقافي هو مفخرة حقيقية لكل العرب، وهذه الأحداث المتلاحقة، التي تركز على بناء الإنسان وتثقيفه، تؤكد مسيرة الإمارات الراسخة والمستمرة في الاستثمار في بناء العقول، قبل الاستثمار في بناء المباني والأبراج.
قبل أيام قليلة، شهدت دبي نهائيات «تحدي القراءة العربي»، وهي مسابقة ثقافية نوعية تهدف إلى تنمية الحِسّ الوطني والعربي، ونشر قيم التسامح والاعتدال، وتكوين جيل من المتميزين والمبدعين العرب، كل ذلك من خلال حثهم على التنافس في مجال القراءة، وحققت المسابقة نجاحاً لافتاً فاق جميع التوقعات، حيث شارك فيها أكثر من عشرة ملايين طالب وطفل عربي، من مختلف الدول العربية وغير العربية أيضاً، وحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بنفسه، على تتويج الفائزين وتكريمهم، فهو لم يَغِب يوماً عن هذا الاحتفال السنوي منذ انطلاقة «التحدي».
وبعدها بأيام قليلة، وفي عاصمة الثقافة العربية مدينة الشارقة، افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الدورة الـ37 من معرض الشارقة الدولي، الذي يشهد هذا العام تطوراً كبيراً جداً في أعداد الزائرين والمشاركين، بشكل يدعو إلى الإعجاب والفخر والتفاؤل.
المعرض هذا العام يشهد ازدحاماً لا مثيل له، وكم هو شعور جميل أن نرى هذا الحرص وهذه الرغبة من زوار المعرض، الذين فاق عددهم مليون زائر، معظمهم من الشباب والطلاب والأطفال، تكتظ بهم قاعات المعرض بمعنى الكلمة، وبشكل يثلج الصدر ويدعو إلى التفاؤل، في وقت ظننا أن الجيل المقبل لا يؤمن بالقراءة ولا يُحبذها!
أكثر من 1874 دار نشر من 77 دولة عربية وأجنبية، تشارك في معرض الكتاب، وتعرض أكثر من 1.6 مليون عنوان، إضافة إلى إقامة أكثر من 1800 فعالية، يشارك فيها شخصيات ثقافية وفنية وإعلامية من أنحاء العالم كافة، على مدار 11 يوماً، ما يجعل المعرض واحداً من أهم وأكبر معارض الكتاب على مستوى العالم، ونموه بهذا الشكل المتصاعد يجعله مؤهلاً لأن يكون أضخم وأكبر معرض كتاب في العالم خلال أقل من ثلاث سنوات، وهذا هو طموح القائمين على المعرض وهدفهم المقبل.
تكامل جميل، هذا ما يجعل الإمارات تمتلك رصيداً قوياً من القوة الناعمة، قوة ثقافية هذه المرة، تجعل أفئدة الشباب والمثقفين تتعلق بها، في الوقت الذي تبني عقولَ الأجيال المقبلة بالعلم والمعرفة والاطلاع والقراءة، وهذا أهم وأنبل وأجمل الأسباب التي تجعل قادتنا، حفظهم الله، يبذلون الجهد لتنمية وتطوير هذه الأفكار الثقافية والصرف عليها بسخاء.
** بعد انتهاء مسابقة «تحدي القراءة» تلقيت رسالة هاتفية من شخص عزيز، كتب فيها: «ثلاثة ملايين دولار تقريباً هي مجموع جوائز (تحدي القراءة العربي) هذا العام، تنافس عليها 10 ملايين ونصف المليون طالب وطالبه من داخل الوطن العربي وخارجه.. ترى ماذا تشكّل هذه الملايين الثلاثة من صفقة لاعب كرة قد لا يأتي لناديه ببطولة محلية؟! نحتاج فعلاً إلى مستشفى للعقول!».
المصدر: الإمارات اليوم