في بلد يصبح الإنسان محور الجدلية في تطوره، ورقيه، ونهوضه، وصعوده إلى هامات النجوم، وفي قلب الغيمة الممطرة، هذا الديدن، وهو مهماز العطاء الذي يميز الإمارات عن بقية الدول، وعندما يوضع الإنسان، مواطناً أو مقيماً في صميم العلاقات المتساوية والمتوازنة، والمتناغمة، والمنسجمة، ضمن سياق ثقافي، يختزن في أحشائه القناعة بأن وحدة الهدف، تقع في الثنايا، وأن الغاية هي صناعة مجتمع تتعانق في المشاعر كما هي أغصان الشجرة الواحدة، وكما هي أجنحة الطير التي تحلق في السماء لتلون وجه الأرض بزرقة سماوية صافية، نقية، شجية، ثرية، أثيرية، غنية بمعدن الحب، وتمضي في الحياة، كما هي قطرات الندى على وريقات اللوز.
هذا هو معنى الحقوق، ولكن تبقى الواجبات هي النهر الذي يغذي أشجار الحقوق ويمنحها خضرتها، وينوعها، ويفوعها، ولدانتها، ونضوجها، وتأثيرها المباشر في البناء، والتطور، والنشوء والارتقاء.
على كل من يمشي على عشب هذه الأرض تقع الواجبات، كما يستلهم الحقوق، ولا يمكن لكيان اجتماعي أن يحظى بالنضارة، البريق، الأنيق دون أن تتحد الحقوق والواجبات، وتسير جميعها في طريق واحد وهو تحقيق، الأمن الاجتماعي، وتوفير الأرض الخصبة التي من خلالها تنمو أزهار الحلم، وتترعرع، وتزهو، وتزدهر، وتتفتح وتنثر عبير أكمامها، من دون تمييز، أو تحيز.
الذين يعيشون هنا، هم أبناء هذه الأرض، وثقافتهم مزيج من نسيج تاريخي وفرته للجميع قيادة حكيمة، استيقظت فجراً، وسبقت الجميع لتصل إلى النبع، لتدلو بدلو الفكرة النيرة، وتقدمها بحب لكل من لديه القناعة بأن الحياة كأس واحدة، نحن الذين نشترك في رشفاتها، ونحن الذين نتذوق عذوبة مائها.
لم تشرق شمس السعادة في الإمارات سهواً، أو تلقائياً، وإنما هذه الإشراقة نتيجة وعي، ودأب، وبذل وجهد، قناعة راسخة لدى القيادة بأنه ما من ضوء يطل على بلد، إلا نتيجة مباشرة للتلاحم البشري، وإحساس الجميع بأنهم في قارب واحد، وعليهم حمايته من الأنانية والعناية به، ورعايته بقلوب ملؤها الحنان، لأن الوطن كالزهرة، إن لمستها برفق، زهت، ونمت، وإن تعاملت معها بجفاف، ذوت، وذبلت، وتلاشت، وسقطت على الأرض لتصبح قوتاً للدواب.
إماراتنا فخرنا، وعزنا، وملاذنا، وذودنا، وهي الحصن، والحضن، وقبلة الصباح بحنان على كل شجرة، أو جناح طير، رأوا قطرة ماء، هي الأكسير، وهي الحرز الذي يحفظ المنجز العظيم.
المصدر: الاتحاد