قبل خمسين عاماً كانت الرسالة مغلفة بمزق أوراق مبعثرة بين تضاريس الجغرافيا فقط، كانت محفوظة في وجدان عشاق هذا الوطن، واليوم، وبعد ذلك الوجد الطفولي، انبعثت من لدن قلب محب لجمع عناقيد الشجرة الواحدة، صار الوطن بين الرموش إثمد العين، والرسالة وضعت في ظرف مخملي اسمه وجدان شعب، والأمانة حملت على أكتاف مشاعر جللت الوطن ببريق النجوم وكللت نواصيه بتيجان الحب.
اليوم والقيادات الشابة المفعمة بحماس العمل الوطني، المجللة بإرث المؤسسين، المكللة بأحلام الوصول بالوطن إلى هامات الغيمة الممطرة، نراهم يقفون بقامات الشهامة وقوامة الفكر الوحدوي مؤمنين بأن في الاتحاد شأن المحيطات التي تطوق التضاريس بأذرع الود وحنان الأفئدة الرخية.
اليوم تبدو قواتنا المسلحة في المشهد الوطني السياج والحضن والسراج والجبل الصارم، تسند صلادته إرادة قيادة آمنت بأن العسكرية ليست ضبطاً وربطاً فحسب بل هي أيضاً مساحة شاسعة من مشاعر حب، تحمي منجزات الوطن، وتحفظ أهدافه تحت قبعة كل من يرتدي البزة العسكرية، وفي محاذاة كتفه بطل آخر يسير معه كتفاً بكتف، يساندان بعضهما بعضاً بإرادة الأحزمة الصارمة وعزيمة الأفئدة الجازمة.
في هذا الوطن تمضي «الدشداشة» والبذلة العسكرية جنباً إلى جنب، والهدف هو وضع الوطن في حقيبة الروح وحفظه من شرور الحاقدين وحقد الكارهين، لأن الوطن أمانة والرسالة واضحة، وهي الذود بالروح عن حياض وطن هو الأم وهو الأب وهو الدم والشريان.
لقاء سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع، مع قيادات وزارة الدفاع، كان لقاء حدد فيه سموه الهدف بعبارة موجزة أكد فيها أن حماية الوطن مهمة مقدسة.
في هذه العبارة كلمات تحمل في الطيات عبراً وموعظة لكل عاشق يرى في الوطن نجمة تخبئ ضوأها في القلب، وتحمل رسالة الأبدية في ثنيات بريقها وتألقها.
عبارة هي رسالة لمن يهمه الأمر بأننا، بسواعد أبنائنا في القوات المسلحة، وتضافر جهودهم مع جهود كل مواطن، وفي أي ميدان من ميادين العمل الوطني، نجعل من هذا الوطن الروح والريحان والوجد والوجدان والصون والصولجان، نجعل منه في الحياة الوريد والشريان.
فليس الوطن ورقة نحملها في محفظة أيامنا، بل الوطن هو هوية وهوى، الوطن حلم يرفرف بين الرموش بألوان علمه الأربعة.
الوطن حلم تضحية وتفانٍ وتفاخر واعتزاز وتقدير لكل من يقدم له ما يجعله عند شغاف النجوم، وفي قلب السماء مهجة تتألق بالانتماء والولاء، ولا لغة مجازية يمكن أن تفي الوطن حقه في الوصف، ولا بلاغة يمكن أن تهدي الوطن عبارة تعبر عن مكنون ما يختزنه قلب العاشق للوطن، هو الأمد، هو المد والمدى، هو امتداد الروح بين السماوات والأرض، الوطن جملة تفصيلية ليس لها قرار، والقرار الوحيد هو أن الوطن فوق كل الأوصاف والنعوت، الوطن هو خلود الكلمات في ضمير المحبين.
المصدر: الاتحاد