مؤسسة ومدير ة دار ورق للنشر في دبي وكاتبة عمود صحفي يومي بجريدة البيان
«حياة الماعز» هو فيلم هندي، يقول صانعوه إنه يحاكي قصة واقعية لعامل هندي يدعى نجيب (الذي يحمل بطل الفيلم اسمه)، جاء لدولة خليجية بناء على عقد عمل ليشتغل مع صديقه في شركة، لكنه يقع بين يدي كفيل قاس ومستغل يأخذه للصحراء ليرعى الماعز، وهناك يسومه سوء العذاب! (بعيداً عن كل هذه الدراما، أي بدوي أو عربي يضع قطيعاً من الماعز في صحراء جرداء أصلاً، ويحضر لها راعياً؟!)
يقول المدافعون عن الفيلم إنه لا يتعرض لأي فكرة أو ظاهرة في الخليج، إذن فلماذا قال نجيب (البطل)، في أول مشهد، هذه العبارة: أول كلمة عربية أتعلمها، هي (كفيل)، هذا حتى قبل أن يحصل على جرعة ماء؟ والمعروف أن أي جملة حوارية في الفيلم لا توضع عبثاً!
نؤمن أن الحياة وجهات نظر، وليست وجهة نظر واحدة، لكن لا يمكن الادعاء أن الفيلم لا يقصد التعرض لشيء، وأنه رؤية سينمائية لرحلة فلسفية يقطعها الإنسان في دروب الحياة للوصول إلى الله عبر أكثر التجارب قسوة، وأكثر الطرق وعورة! والحق أنه لا مانع من النقد، لكن أن تستخدم السينما لتمرير فكر عدائي للإنسان العربي بشكل سافر، فأمر مرفوض ولا علاقة له بالإبداع!
لقد كسب الفيلم إعجاب جمهور عريض جعله الأشهر على مستوى المنطقة، ومع احترامنا لحرية الإبداع والنقد، إلا أن حالة الاستعداء للإنسان العربي في المنطقة الخليجية، والذي ظهر في الفيلم بصورة بشعة تذكر بتجار الرقيق قديماً، فأمر مرفوض تماماً، ولا يخدم محاولات بناء الثقة وإرساء الاستقرار الاجتماعي، إن قصة عامل، أو حتى مائة عامل لا تبيح التعميم، وحتى إن استخدمت كمدخل لمهاجمة ظاهرة معينة كنظام الكفيل، فيجب أن تراعي الكثير من الحساسيات، والمراعاة هنا ليست بوضع جملة «الفيلم لا يقصد الإساءة لأي بلد أو شعب أو مجتمع أو عرق!» أظن أن للفيلم نوايا خفية سنكتشفها في الأيام المقبلة نتيجة الجدل الكبير ومقالات النقد على جميع المنصات والمستويات!
المصدر: البيان