يقول صديقي إنه لا يفهم كيف تشتكي قطر والإمارات من مشكلة التركيبة السكانية، في ظل غلبة العمالة الأجنبية، فيما تعاني عمان و السعودية من مشكلة خطيرة هي بطالة شبابها. سأل: «لماذا لا تعمل دول مجلس التعاون على مشروع ضخم لتأهيل الشباب السعودي و العماني، ممن لم يجدوا فرص عمل في بلدانهم، للعمل في الإمارات و قطر».
قلت له: لكن تعلم أنني دوماً أنادي بالتأهيل قبل التوطين». قال: «صحيح: لكن أعطوهم فرصة و من ينجح يستمر و من يفشل يعود لبلاده عاطلاً مثلما كان»! اتفقنا أن مشكلة البطالة في أي دولة خليجية قد تشكل مشكلة حقيقية للأمن القومي الخليجي المشترك. وبالتالي فإن شركات القطاع الخاص في دول الخليج حينما تستوعب بعض العاطلين من شباب المنطقة إنما تصيد عصفورين بحجر واحدة: تسهم – ولو بشكل محدود – في حل مشكلة التركيبة السكانية و تساعد في استقطاب شباب المنطقة وتوظيفهم قبل أن يزداد الحنق بهم فيُستغلون فيما قد يهدد أمن دول المجلس.
أوجه التعاون فيما يمس مصالح إنسان المنطقة كثيرة. فحينما تفتح الجامعات في الخليج أبوابها لطلاب المنطقة فهي تسهم في دعم التوجه نحو مزيد من التلاحم بين شباب الخليج. وحينما يُنجز «قطار الخليج» ليربط دول المنطقة كلها بخط يُسهل السفر والتنقل بين أبناء الخليج سيشعر الناس عندها بالإنتماء لذات المكان. وحينما يختفي منظر الشاحنات المتكدسة عند النقاط الحدودية بين بلدان الخليج سيدرك أهل المنطقة أن الكلام عن ضرورة التعاون بين بلدان الخليج ليس فقط كلاما سياسيا وإنما واقع اقتصادي.
أخيراً علَّق صديقي: اللحظة الوحيدة التي أرى فيها فكرة التعاون الخليجي تتحقق هي حينما أشاهد مسلسلاً تلفزيونياً خليجياً: وجوه خليجية متنوعة تندمج في قصة واحدة، وربما في عائلة واحدة، هي محور القصة. الأم بحرينية والأب إماراتي والأخ سعودي والخال كويتي والعم قطري والنسيب عماني!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٤٠) صفحة (٣٦) بتاريخ (٢٢-٠٤-٢٠١٢)