يمتاز الدكتور عبدالعزيز خوجة بقدرته الفائقة على إرضاء كل الأطراف مهما كانت متناقضة. فهو يستقبل مكالمة داعية غاضب فيعطيه من «معسول الكلام» ما يريحه فلا يغلق سماعة الهاتف إلا بضحكة وسعة بال.ثم يستقبل بعدها مكالمة هي نقيض المكالمة السابقة وتنتهي بذات المزاج وكان الله غفوراً رحيماً.
وزير الثقافة والإعلام يؤيد المثقفين الداعين لفصل الثقافة عن الإعلام. وهو -في الكلام- مع تحويل الإذاعة والتلفزيون إلى مؤسسة قطاع خاص ولعله يؤيد فكرة «سك» أبواب وزارة الإعلام إلى الأبد. ومن تجربتي القصيرة مع هذا الوزير، الذي أحب فيه طيبته وحسه الأبوي، أنت لا تأخذ منه «لا حق ولا باطل».
إنه وبجدارة من فئة «الوزير الملوسن» لكن ميزته الكبرى أنه من الندرة في زماننا التي إن لم يأت منها خير لن يأتي منها شر. وسؤالي لمعاليه: بما أنك مع فصل الثقافة عن الإعلام، ما هي خطوتك العملية القادمة؟
هل ستقدم -مثلاً- مشروعاً متكاملاً بهذه الفكرة للمقام السامي؟ منذ ألحقت الثقافة بالإعلام وكثيرنا يصرخ: يا جماعة؛ لا تجتمع الثقافة والرقابة في وزارة واحدة! فهل يعقل أن توصي «الثقافة» بكتاب لن يباع في المكتبات قبل أن يمر على «الرقابة» -في المكتب المقابل- من أجل الإجازة بعد الحذف والقص والمزع؟
الثقافة بحاجة لمنظومة متكاملة من المؤسسات التي تعمل بجهد وجد من أجل خلق بيئة فكرية وثقافية تسمح بتنوع الأفكار وتحث على الحوار وتهيئ للتسامح مع الجديد من الآراء وتنزع روح «العداوة» بين التيارات والأطياف المختلفة. من مصلحة المجتمع أن تكون الثقافة الجادة على رأس أولويات التنمية.
ولهذا فإنني أرجو من أخي الكريم معالي الوزير أن يقرن كلامه الجميل حول فصل الثقافة عن الإعلام ببرنامج عمل جاد وقابل للتطبيق. لقد شبعنا وعوداً كثيرها يضيع في زحمة الكلام!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (١٣٠) صفحة (٣٦) بتاريخ (١٢-٠٤-٢٠١٢)