الدعم الذي تقدمه حكومة نوري المالكي لنظام بشار الأسد لا يأتي في إطار «لعبة سياسية» تفرضها المرحلة ولكنه ينطلق أصلاً من نزعة طائفية لم تعد خافية على أي راصد. وفوق أن نوري المالكي نفسه هو -كما أشار الأستاذ عبدالرحمن الراشد في مقاله أمس- أداة من أدوات السياسة الإيرانية في المنطقة فهو أيضاً يرى في حكم العلويين لسوريا امتداداً للهلال الشيعي الذي يريد أن يكون أحد مكوناته.
تاريخياً، علاقة شيعة العراق العرب بإيران كانت في غاية التوتر. وشرفاء شيعة العراق العرب يحذرون دوماً من أن التفريط بهم هو تفريط بأهم مكون عربي في العراق. بل إن شخصية عراقية بارزة ومن أسرة شيعية كريمة، روى لي قبل أيام أن والدته كانت ترفض دخول البضاعة الإيرانية إلى منزلها قبل أن تتركها تحت أشعة الشمس لثلاثة أيام! باع نوري المالكي نفسه وبلده لإيران خوفاً على كرسيه المهترئ. وخلق شرخا كبيرا في علاقة العراقيين (سنة وشيعة) بإخوتهم في الجزيرة العربية وفي سوريا. وكل ذلك من أجل إيران التي ضمنت له السلطة لكي يدير مصالحها في العراق.
اليوم ثبت بالأدلة أن نوري المالكي متورط في الجرائم التي ترتكبها قوات الأسد بدعم من الحرس الثوري الإيراني ضد السوريين. وهي جريمة -تضاف لجرائم أخرى- لن ينساها السوريون للمالكي ومن في صفه في قادم الأيام. وتواطؤ المالكي مع بشار الأسد يعد أيضاً خيانة للعراقيين الذين سيضطرون مستقبلاً لدفع ثمن حماقات وجرائم المالكي في سوريا. الحقيقة أن المستقبل في سوريا هو لثوار سوريا. فمهما صمد بشار الأسد فإنما يستند على جرائمه وعلى دعم إيران ونوري المالكي.
ولكن إلى متى؟ المهم أن ورقة جديدة من أوراق نوري المالكي اليائسة قد انكشفت. وحينما تحين ساعة الحساب فإن أول من يتخلى عنه هم «أعمامه» في طهران!