كاتب إماراتي
– دخيل الله ما نريد مسلسلات شغل الثمانينات والتسعينيات، عقل وعقوص وشعر طويل وكحال صراي تارس العيون، و«طراد» قتل «هلال»، وابن عمه فارس «يبي» الثأر، وتظهر في النص بدوية غاوية تغير سير المسلسل من الثأر إلى الحب والهيام وتبادل الغرام شعراً وبنظرات العيون، ويتم «مشاري» يقرض الشعر، ويتشبب في بنت العم، ويتمون الجماعة قهوة سايرة وفناجين معمولة جاية، وعبارات ما تغيرت من مسلسل «فارس ونجود» وما يقهرونك إلا حين تسمع تلك الجملة غير المفيدة والمضللة للمشاهدين الكرام: «روّح جاي يا ابن العم»، فلا تعرف طلبه بالضبط هل يريده أن يذهب بعيداً أم يأتي قريباً منه؟
– دخيل الله شبعنا من مسلسلات المخدرات والتعاطي ورجال العصابات الذين يلبسون «جاكيتات» سوداء جلدية في رمضان، ومشاهد الدماء والخطف، حتى ما عدنا نستطيع أن نميز بين المسلسل اللبناني أو السوري أو التركي، وكأنهم جميعاً يعيشون في بلدان كارتيل المخدرات!
– دخيل الله، ترا بسّنا من المسلسلات الخليجية المكررة، والتي تعتمد على البكائيات على اللبن المسكوب صيفاً، وعلى دموع «حياة الفهد» التي لا تجف، وعلى الصراخ الذي يشبه قرع أواني المطبخ في هدأة الليل، مسلسلات تجلب الضجر في هذا الشهر.
– دخيل الله فكونا من الحوارات الساذجة في المسلسلات المحلية، وكأن كلها مكتوبة بطريقة أنثوية، ولا تناسب مع مقولات الرجال، ومرات تجدها متخشبة ومفتعلة ولا تناسب قامة المتحدث، ولا تركب مع اسمه في المسلسل، وفي النهاية تضيع الطاسة، وكل واحد يدوّر عليها من هنا ومنّه، يعني جملة «يهبي هباه الله»، هذه الجملة ما تركب على شخصية رجل يمتهن البحر وصيد السمك، ويضع على رأسه غترة مرددة «جلينبه»، هذه العبارة تنتمي إلى الصحراء، وقد يقولها شخص ربما يدعى عقاب!
– دخيل الله مش ناقصين نكد من مسلسلات الدم والثأر والنار، والتي آتية من جهة لبنان وسوريا وصعيد مصر، ترانا تعبنا من رمضان، ومن محمدين خلال شهرين وسنتين، وما زال يبحث عن ثأره البائت، المندّس تحت أعواد الذرة من مسلسل رمضان الماضي!
– دخيل الله خلصونا من البرامج الدينية الإذاعية والتلفزيونية من الساعة الثالثة ظهراً، بنفس الأسئلة المكررة، والتي «تحيدونها» وتدور بشأن مفطرات رمضان، وكفارة الشهر الفضيل، والسلوك والأحكام خلال الشهر الكريم، وبعدها ليلة القدر وزكاة الفطر وصوم أيام الصبر، نفس الأسئلة، ونفس الأشخاص السائلين، وإجابات خارجة من بطون الكتب، وتتبع السجع.
– دخيل الله شبعنا من برامج الأكل قبل حزة الإفطار بساعة، والتي تريد أن تثبت أن الزوجات المصونات يتبارين ساعتها في المطبخ، وما يحضرن فيه، ترا الرجال أكثر المشاهدين لمثل هذه البرامج لسببين، أولاً يسلون صيامهم، وثانياً يسخنون لما قبل الإفطار، وإلا «شو وازّنهم يتفرجون على واحد يثرم بصلاً أو وحدة تدق لومي يابس»؟
– دخيل الله هلكتونا بالمسلسلات التاريخية غير التأريخية، والتي تفصل على القياس، معقول يعني كل تلك الشخصيات التي نقرأ عنها، والمشكك في وجود بعضها، والمتناقضات حولها، والأحداث الدامية التي شاركت بها، كلهم في الآخر يظهرون تلفزيونياً طيبون، ودودون، لا غبار عليهم، ولا يشكون وجعاً من أوجاع الإنسان العادي، وكلهم أبطال وصناديد، ولا يشق لهم غبار!
المصدر: الاتحاد