عبّر رئيس البنك الدولي، “جيم يونق كيم”، عن أهمية فهم دروس الربيع العربي خصوصاً الأسباب التي أنتجته. قال أمس في حوار معه نظمته “الوول ستريت جورنال” في طوكيو إن الاقتصاد هو محرك الثورات. ولكي يتحقق استقرار سياسي لأي بلد لابد من تحقيق نمو اقتصادي مستمر مع التركيز على الشباب و فهم تطلعاتهم ثم التخطيط الواعي للمستقبل. و في كلامه تكرار لما كتبه و ردَّده عدد كبير من المعنيين بالتنمية في عالمنا العربي منذ عقود. المشكلة: إن الجميع في منطقتنا – بما فيهم السياسيون – يكررون الكلام عن أهمية الانتباه لقضايا التنمية و الاقتصاد و الشباب والتخطيط للمستقبل. لكنه مجرد كلام قليلاً ما فُعّل و تُرجم إلى برامج عمل تحقق نتائجها على الأرض.
ملّ المواطن العربي من الوعود الكبيرة. و لم يتعب صانع القرار في أكثر من بلد عربي من إعطاء الوعود التي لا تتحقق. من هنا نشأت أزمة الثقة بين الطرفين حتى اشتدت حالة التذمّر قبل أن يصل الأمر – في بلدان الربيع العربي – إلى نقطة الانفجار. الأزمة الأخرى التي لم يتطرق لها رئيس البنك الدولي، ربما لضيق الوقت، هي أزمة الإدارة في أكثر من بلد عربي. وأضيف لها أزمة الإرادة. فإن غابت إرادة التغيير وغابت معها الإدارة الفاعلة فأي فائدة للخطط التنموية الكبيرة و للكلام الكبير في التطوير و الازدهار؟
كثيراً ما سألت: لماذا نعشق في العالم العربي المناصب و نتسابق إليها؟ الإدارة غير الجديرة بالمسؤولية و غير المؤهلة لإحداث التغيير البنّاء لا تسيىء فقط للتنمية و لكنها أيضاً تدمر ما بُني أصلاً! إذن نحن أمام منظومة، ينافس بعضها بعضاً، من عوامل أسست لحالة إحباط كبيرة قادت إلى ما قادت إليه في أكثر من بلد عربي. وطالما أن التنمية المتوازية، بما يتطلبه نجاحها من مؤسسات رقابية جادة مع مشاركة شبابية في صناعة القرار، لا تزال غائبة أو شبه غائبة فسيبقى العالم العربي غارقا في صراعات السياسة و متاهات الأيديولوجيا!
نشرت هذه المادة في صحيفة الشرق المطبوعة العدد رقم (٣١٤) صفحة (٢٨) بتاريخ (١٣-١٠-٢٠١٢)