رجال يصنعون الأوطان

آراء

رجال تصنعهم الأوطان ويكبرون بحجم الأوطان، ورجال يصنعون الأوطان، تكبر بهم وتتفتح زهراتها وتبيض موجاتها وتشمخ جبالها وتخضر أشجارها وتنمو طموحات أبنائها وتزدهر صحراؤها وتزخر نجومها بالبريق الأنيق، وتستدير أقمارها مثل أقراص الذهب، مثل وجوه الناس الطيبين.

الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وأسكنه فسيح جناته، الزعيم المقيم دوماً في الوجدان والأشجان والألحان والأفنان، وفي خلايا الروح ما بين الوريد والشريان، زايد النهر الذي أروى أشجار الوطن ولوّن العشب بالحب وأعطى التضاريس نخوة الانسجام والالتئام والالتحام والسير على خطى الخالدين الذين أسسوا أحلام الناس من ماء القلوب وأسقوا الحياة من عذوبة السخاء والتفاني والإيثار.

زايد الفجر الذي شع وشاع بهاء وصفاء وسواء وسخاء وعطاء، هو الشعر الذي منح للوطن عنوان قصيدة الخلود والوجود والجود وسؤدد الخطوات.. زايد، الكتاب المفتوح تقرأه الأجيال وتسير على المنوال تبغي العناق مع الأفق ومشافهة النجوم وبث النشيد للغيوم.

زايد في الوعي رواية، وفي الحلم حكاية، وفي الطموح غاية، وفي صناعة الإنسان خبرة ودراية، زايد الظاهرة الإنسانية الاستثنائية وحبر البحر عندما يسطر عباراته على صفحات السواحل الملهمة، وقلم النجمة عندما ترسل النور إلى أرجاء الظلام، ليصبح الكون نبراساً وفانوساً وناقوساً ومتراساً وقاموساً، نحن الذين نتهجى حروفه كي تكبر جباهنا وتطول أعناقنا وتنصع وجناتنا وتصير عيوننا مصابيح تسكن الكواكب.

زايد في التاريخ عنوان المراحل المبهرة وفي الجغرافيا جبل يطل على الوطن فيلهمه العزة والكرامة ونخوة النبلاء وصبوة النجباء ووثبة الأوفياء.. زايد في التفاصيل والفواصل جملة لا يفهم إعرابها إلا كل فقيه في دروب الجُمل المرتوية من ريق الصحراء.. وماء القلوب الوفية.. زايد زادَ في زادِ التاريخ، فأعطاه الرسوخ والشموخ.. ومنحه سر الوجود عندما يجود الله على عبده بقوة الشكيمة وصلابة العزيمة ورفيع القيمة. زايد.. الحُلُم الذي سار على أديم الأرض ثم أنبته عشباً وخصباً وصخباً وسهباً وشهباً وكتباً.. زايد عندما تسير من أبوظبي باتجاه المنطقة الغربية أو العين أو في أي مكان من أمكنة الدولة تجده متجسداً في كل معلم من معالم الوطن، تجده على لسان الطير المغرد على أغصان الشجر السامق، تجده في عيون الأطفال نشيداً صباحياً، تجده على شفاه الكبار، موالاً تاريخياً.. تجد زايد طيب الله ثراه.. في الجهات الأربع.

المصدر: الإتحاد