كاتبة إماراتية
نحتفل منذ بدأنا هذا العام بالذكرى الخمسين على تأسيس دولتنا، وبالنسبة لنا كإعلاميين يعد الأمر تحدياً لا مثيل له، إذ يتعين علينا العمل على مبادرات مبتكرة لإثراء هذه الذكرى والخروج بها عن السياقات المعتادة في الاحتفال.
عن نفسي كان «الأرشيف» باستمرار زادي في هذه التحديات، وقد تمكنت خلال مسيرتي المهنية من ارتشاف كنوزه باستمرار والخروج به من الجمود الذي أحيط به إلى أشكال جاذبة، فكل ما نراه اليوم من علو شأن وتقدم إنما هو في أساسه بذور صغيرة، بدأ في زرعها القادة، وهم موقنون أن ثمرها قادم لا محالة.
كلما تصفحت الأرشيف، وجدت ما يستحق أن نقف أمامه بهدوء وتأمل، وكان أرشيف جريدة «الاتحاد» مصدري الأثير في ذلك، وكلما تصفحت الأعداد التي واكبت إعلان الدولة الاتحادية زادت هذه الحالة لدي.
مثلاً أعداد جريدة الاتحاد الصادرة عام 1972، وجدت صفحة تصدرت فيها أسماء الناجحين في أول ثانوية عامة بدولة الإمارات بعد الاتحاد، ولم يزد عددهم على العشرات، ومع تتابع تصفحي للجريدة عاماً بعد عام، كنت أتابع بكل فخر وامتنان أعداد الدارسين والملحقين بمؤسسات التعليم تزداد من عام لآخر، ومن خلال تلك العناوين التي أخذت مكانها في عقلي وكأنها فيلم سينمائي يعرض كيف تمكنت الدولة الاتحادية من تحقيق إنجازات مميزة في عدد الدارسات من الإناث، وكيف تغلبت على الأمية، وكيف تمكنت من تحقيق الصدارة في عدد المعلمين في إحدى السنوات حتى تغلبت على دول الجوار ممن سبقوها في التدريس النظامي بسنوات، ثم أتابع تلك الأرقام خلال السنوات الأخيرة في عدد المؤسسات التعليمية العالمية لنصل إلى احتضان أكثر من 33 جامعة بعضها فروع لجامعات عالمية تواجدت للمرة الأولى خارج أوطانها.
وفي خبر ورد في يوليو عام 1973، حول اجتماع المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، بخبراء من بلديات بعض المدن العربية وبعض الأجانب، وحدثهم عن تصوره بأن تكون دبي مدينة عالمية، وفي نفس العام ورد خبر في أغسطس يفيد بأن ناطحات السحاب أصبحت أهم معالم المدن العالمية، وعلى هذا النهج سيتم الاتفاق لبناء بناية يصل ارتفاعها 33 طابقاً بدبي، ولا يمكن أن يمر هذا الخبر على أحد أبناء الوطن إلا ويشعر بالاعتزاز بهذه المدينة التي شمخت بين أهم مدن العالم، لتصبح عالمية بامتياز، فاحتضنت أطول برج بني على الكوكب، «برج خليفة».
يجب أن تكون هذه الأخبار وما تحمله من تفاصيل صغيرة، أموراً محفوظة في عقل وقلب كل إماراتي، عليه أن يعود إليها دوماً ليعرف ويخبر أبناءه بتاريخ هذا الكيان الذي ينتمي له، ليتعرف على كل تفاصيل تكوينه ونشأته، وليعرف الواقع الذي عاشه أجداده وآباؤه لكي يصل إليه اليوم هذا الخير والرفاه.. حفظ الله الإمارات.
المصدر: الاتحاد